البيان الختامي، الذي أصدرته منظمة التعاون الإسلامي، دان بشدة سلوكيات نظام الملالي في طهران و«سياسته العدوانية»، وطالبه بالكف عن ذلك مع التواصل مع المنظمات الدولية الأخرى بهذا الشأن، وهذا لا شك جيد، وطالبت بمثله منذ زمن طويل. تحريك المنظمات والهيئات الإسلامية والدولية، وملفات إرهاب النظام الطائفي في إيران كثيرة ومتشعبة، إنها من الغنى بما يتيح لك العمل عليها لسنوات! هذه المرة الأولى التي نرى فيها حضوراً لمنظمة التعاون الإسلامي، واعتقد أن جهود وزارة الخارجية السعودية وراء ذلك. خامنئي زعيم السلطة في إيران استبق البيان بتصريح أشار فيه إلى استيائه من الاعتداء على السفارة السعودية «لأنه أضر بسمعة إيران» لكن لم يبدِ أسفاً على الاعتداء والأضرار ولم يعتذر، واضطرار مرشد النظام في إيران للخروج بتصريح بسبب الضرر الكبير الذي تعرضت له صورة نظامه في المجتمع الدولي، ولم يكن هذا ليحدث لو اتخذت السعودية موقفاً مشابهاً لمواقفها السابقة أمام اعتداءات مماثلة.
من الواضح أن طهران فوجئت برد الفعل السعودي، لأنها تعودت لسنوات طوال على التهدئة وردود فعل عادية لا تتجاوز مذكرة احتجاج أو بيان إدانة قصير، في جرائم إرهاب مختلفة عملت عليها بالتحريض أو المساندة والإمداد طوال سنوات ماضية.
بقي السعي لتطوير مواقف الدول الإسلامية من خلال تحرك المنظمة لإدانة استغلال مواسم الحج ورفض ذلك مع توجيه رسالة للشعوب الإيرانية بهذا الخصوص، مخاطبة الشعوب الإيرانية مهمة وهي أهم حينما تصدر من العالم الإسلامي لإيضاح الحقائق ومخاطر سياسة النظام الذي يحكمها، كما أنه من واجب المنظمة وهي تنشد «التعاون الإسلامي»، الذي يفترض أن يكون تعاوناً على البر والتقوى، شجب وإدانة وجود ميليشيات طائفية تقتل وتهجر عرقياً وطائفياً، ورفع الشعارات الطائفية واحتضان هذه الميلشيات واستخدامها من النظام في إيران، وأن يعتبر كل منتسب إلى هذه الميليشيات، وخصوصاً قادتها في البلدان الأعضاء بالمنظمة، داعماً للإرهاب، يرفض أن يمثل دولة، ويمكن للمنظمة بما يتوافر لديها من آليات توثيق الجرائم الطائفية وعرضها على أعضاء المنظمة لإدانتها بصراحة وشفافية والعمل على استئصال رموزها وداعميها.
لا شك في أن نظام الملالي في طهران في وضع حرج إسلامياً، لكنه مع ذلك يضع نصب عينيه التطلع إلى الغرب بالحضور المكثف الديبلوماسي والإعلامي الإيراني في وسائل الإعلام الغربية لتجميل الصورة برسائل تهدئة، لأن الأولويات الإيرانية في هذه المرحلة هي إلى الغرب، بعد أن أثمر أو «أجبر» على التوقف عن مهاجمة الشيطان الأكبر و«الاستكبار» وكل تلك المصطلحات التي صنعها للتلاعب بعواطف الشعوب.