Site icon IMLebanon

أُبلغت إيران بـ”القرار السوري” لروسيا قبل تنفيذه!

أسئلة كثيرة ضجّت بها عقول اللبنانيين والعرب والمسلمين عموماً بعد مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيادة انخراطه العسكري المباشر إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، أبرزها الآتي:

1 – هل شاورت موسكو واشنطن في الزيادة؟ وهل وافقت عليها؟ وهل حظيت بضوء أخضر أو أصفر أو أحمر؟

2 – هل شاورت موسكو في الزيادة نفسها حليفتها إيران؟ وهل حظيت بموافقتها؟

3 – ما أسباب قرار بوتين زيادة الانخراط العسكري السوري لبلاده إلى جانب الأسد؟

هذه الأسئلة وأخرى غيرها لا يجد طارحوها أجوبة عنها. لكن رغم ذلك تحفل وسائل الإعلام بمواقف لسياسيين وإعلاميين تتضمن بحسب زعمهم أجوبة دقيقة. علماً أن غالبيتها تنطلق من التزام أو هوى معين. انطلاقاً من ذلك رأيت من المفيد خوض هذه “المعمعة” مع حرص جدي على موضوعية التحليل ودقّة المعلومات في حال توافرها وعلى الإشارة إلى مصادرها. والهدف محاولة جعل اللبنانيين على بيّنة من الذي يحصل وسيحصل بعدما أثار الانخراط الروسي العسكري المباشر في سوريا شعورَين متناقضين عندهم. الأول شعور بالسعادة بعد إحباط طويل جراء عجز الأسد رغم مساعدة إيران له في حربه، ورغم مساعدة حليفته روسيا له بالمال والسلاح والخبرة، عجزه عن الانتصار على أعدائه. أما الشعور الثاني فهو القلق والخوف سواء من أن يؤدي الانخراط الروسي المباشر في الحرب إلى مواجهة مع الولايات المتحدة، أو من أن يؤدي إلى مواجهة شاملة بين العالم الإسلامي وروسيا، أو من أن يؤجج الحرب المذهبية في العالمين العربي والإسلامي. ومن شأن كل واحد من هذه الاحتمالات دفع لبنان إلى النار ومعه المنطقة كلها.

في محاولة تقديم الأجوبة عن الأسئلة المطروحة وغير المطروحة أو بعضها يمكن إيراد الآتي:

1 – تفيد معلومات أميركية موثوق بمصدرها أن روسيا لم تصارح أميركا علناً بقرار الانخراط العسكري المباشر في سوريا. لكن إثارتها معها موضوع إنشاء حلف، لمحاربة الارهاب في سوريا وخارجها ومباشرتها تحرّكات عسكرية متدرّجة في سوريا وفي المتوسط، جعلتا المسؤولين في واشنطن يعرفون أن موسكو في صدد القيام بعمل كبير. وتفيد أيضاً أن بوتين ربما اعتقد أن حركته العسكرية لن تُغضب واشنطن. ويُستنتج من ذلك كله أن الأخيرة لم توافق على تحرّك موسكو لكنها لم ترفضه في شكل قطعي، ربما لأن بحثاً مباشراً ورسمياً معها في الأمر لم يحصل. واستمرت تراقب وتدرس وتحلِّل وتضع المخططات من أجل منع روسيا من تجاوز الحدود وتهديد الحلفاء، وربما للتدخل إذا تأكدت أن بوتين ينفّذ مشروعاً كبيراً يتجاوز “سوريا الأسد” حصراً.

2 – تفيد معلومات أميركية موثوق بها أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تعرف بقرار روسيا التدخل العسكري المباشر في سوريا إلا قبل تنفيذه بوقت قصير، أي عندما أبلغ إليها المسؤولون الكبار في موسكو ذلك. وتفيد أيضاً أن هناك أسباباً عدة لذلك أهمها على الاطلاق اقتناع موسكو نتيجة وجودها على الأرض في سوريا بأن خطر الاجتياح العسكري الميليشيوي بات يهدّد مناطق سيطرة الأسد، ورفضها السماح بحصول ذلك لاعتبارات كثيرة منها تضرّر جيشها وخسارتها مصالحها في الشرق الأوسط وموطئ القدم الأخير لها فيه. ومن الأسباب أيضاً إدراكها أن ذلك سيُجرِّئ عليها إسلاميوها الكثيرون. طبعاً لم تسرّ إيران بذلك رغم حرصها على بقاء الأسد في مناطقه الحالية لأن الكلمة الروسية في الموضوع السوري صارت مساوية لكلمتها وربما أكبر. ولم يكن ذلك حاصلاً في السابق. ومن شأن ذلك في حال توافق أميركي – روسي حصر دورها السوري. في النهاية لا يعرف أحد كيف ستتطوّر الأمور بعد القرار الروسي المتعلق بسوريا. فالمنطقة وخصوصاً سوريا وجوارها وبسببه دخلت مرحلة جديدة. والعالم وخصوصاً الغرب الأوروبي وربما لاحقاً الأميركي دخل مرحلة اللجوء الكثيف السوري وغير السوري. ومن شأن ذلك مضاعفة خطر الإرهاب الإسلامي المتطرّف داخله وعلى مصالحه خارجه. ولذلك سيجد نفسه مضطراً إلى التعاون لصدّ هذا الخطر. ويعني ذلك أن “القصة” ستطول أكثر في الشرق الأوسط، وأن تطوّرات كثيرة ستجري، معظمها سلبي، قبل أن يبدأ تكشيح الغيوم السوداء.