كأنّ وقاحة المستشار الأول للمرشد الإيراني علي خامنئي علي أكبر ولايتي في الثالث من الشهر الجاري لم تكن كافية مع إعلانه أنّ «حزب الله لن يخرج من سوريا، بعد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار»، حتى جاء بالأمس تصريح رئيس لجنة الامن القومى والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي بأنّه «على كل القوات التي دخلت الاراضي السورية من دون موافقة الحكومة السورية أن تترك هذه الاراضي فورا»، كلّ هذه التصريحات تشير بأن سوريا باتت تحت الإحتلال الإيراني الكامل، وأنّ المسؤولين هم الذين يفصّلون واقع حال الإحتلال الذي كُرِّس برضا النظام المتهالك في سوريا، وهذا ليس بالجديد عليه، فالمهمّ أن يبقى النظّام!!
ليست المرّة الأولى التي يكون اللّسان الإيراني ناطقاً بمنتهى الوقاحة مقرّاً مصائر الدول التي أطبقت إيران قبضتها عليها، فقد سبق وأعلن القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمّد علي جعفري في خطاب له أمام تجمّع في جامعة طهران فقال:»الأسد بالنسبة لسوريا كالمرشد الأعلى للنظام الإيراني (…) هذا الموقف هو موقف المرشد الأعلى والحرس الثوري (…) نحن لا نرى شخصاً يأتي بعده»، وهنا لا بُدّ بالتذكير بالكلام الذي سبق وأطلقه قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بأنّ «قوات المقاومة في سوريا تدافع عن مبادئ الإسلام وعن الجمهورية الإيرانية»، وذهب أبعد من ذلك عندما فضح للتشيّع الإيراني (الفارسي) بقوله أنّ «كربلاء وعاشوراء كان لهما دور مؤثر في جبهات العراق وسوريا» وهذا الكلام الذي نقلته وكالة فارس قاله سليماني في خطابه الذي ألقاه في احتفال في ذكرى مقتل العميد حسين همداني في معارك حلب في العام الماضي.
أطماع ومخططات إيران ليست سرّية بل أعلنها مراراً وفي صور شتّى، واحدة منها توقفنا عنده في آذار العام 2015 وكانت مقالة كتبها رئيس تحرير وكالة مهر الإيرانية «حسن هاني زاده» حملتْ عنوان «الوحدة بين إيران والعراق لا بدّ منها»، ما يؤسف أنّ الردود على «الكسرويّة» المجوسيّة تحبس نفسها في «السياسة»، مع أنّ إيران تصدّر كل سياساتها تحت العنوان الدّيني، فهاني زاده عبر في مقالته تلك «أنّ الشعبيْن العراقيّ والإيرانيّ تربطهما وشائج دينية وتاريخية» حصرها هاني زاده بكون «الأغلبية من سكان العراق معروف انتماؤها العقائدي إلى مذهب أهل البيت»، ورأى»أن الإرهاب يضرب ذلك البلد (العراق) بسبب «الحقد العربي الدفين إزاء أتباع أهل البيت»!!
لم يعد مستبعداً أن يخرج «حسن هاني زاده» في مقالة جديدة يطالب فيها من لم يُهجّر بعد من الشعب السوري إلى إعلان تشيّعهم، وأن يخلعوا عنهم الإنتماء العربي كما طالب في مقالته المذكورة أعلاه شعب العراق بأنّ «ينسلخ من ثوب العروبة المزيفة لأن كل ويلات العراق سببها وجود العربان»…
إنّه صراع طويلٌ ومرير مع الفرس الذين تناقلوا جيلاً بعد جيل حقدهم على العرب، حتى وصل الصفويون، الذين ألبسوا «شعوبيتهم» ثوباً جديداً، هو ـ الطائفية ـ كما «تلبّس» حسن زاده اضطهاد أتباع آل البيت، ولمرّة جديدة نعود إلى ما سبق وقلناه مراراً، لمرّة جديدة نقول سيظلّ دائماً خير من كشف ضغائن الفرس وحقدهم «شاعرهم الرودكي» الذي قالها بصراحة «عمر بشكست پشته هجبران عجم را/ برباد فنا داد ركـ وريش جم را/اين عربده وخصم خلافة زعلي/ نسيت با آل عمر كينه قديم أست عجمرا» وترجمتها:»الصراع والعداوة مع العرب ليس حبّاً بعليّ والدفاع عن حقّه في الخلافة/ ولكنّها البغضاء والعداوة لعُمَرَ الذي كسر ظهر العجم وهدَّ حضارتهم»، وكلّ مقاربة لما آل إليه الوضع في سوريا وما وصل إليه الصراع من خارج سياقه التاريخي ومن المؤسف أنّ تركيا التي دخلت مرحلة جديدة من اهتزاز استقرارها سلّمت سوريا لإيران الفارسية التي عجزت عن السيطرة على الأرض إلا بغطاء جويّ روسيا اتّبع سياسة الأرض المحروقة في سوريا لإنقاذ مصالحه فيها، والمضحك ـ المبكي في هذا «الرّهان» التركي أنّ ما سعي الرئيس أردوغان لتجنبّ وقوعه من حدود حلب، أصبح داخل اسطنبول يعصف بها إرهاباً، ويهزّ أزمير بسيارة مفخّخة، وبصدقٍ نقول، كلّ الخوف أن تكون تركيا في الخراب على خطى سوريا وأكثر!!
ميرفت سيوفي