IMLebanon

إيران تستنجد بإسرائيل لتحرير القُدس!

لم يفاجئنا تصريح نائب وزير الخارجية الإيرانية قبل أيام باستنهاض اسرائيل للاستمرار بقوة أكبر لنجدة النظام السوري، عندما قال إن سقوط هذا الأخير تهديد لإسرائيل. فقد سبقه إلى ذلك عدد لا بأس به من المسؤولين الإسرائيليين ومنهم رئيس الأركان بقوله (حتى في بداية الانتفاضة الشعبية السلمية في سوريا) إن «سقوط نظام بشار الأسد كارثة على إسرائيل». كأنه حوار الحلفاء أو تلاقي رفاق الدرب: ولطالما كتبنا في هذه الزاوية، وقبل سنوات، ان إيران هي ذخر إسرائيل في المنطقة وغيرها، وان اسرائيل كما عبر أحد المسؤولين الإيرانيين سابقاً هي صديقة الشعب الإيراني. السكة واحدة، والعقل واحد، والانتماء واحد، والأهداف واحدة: ما قد تعجز عن انجازه اسرائيل تحققه إيران في تخريب الأمة العربية، وهكذا دواليك. ولطالما قلنا إن ايران في تاريخها الحديث والقديم لم تحارب لا اليهود ولا اسرائيل، وانما حاربت العرب والمسلمين الذين كبدوها أكثر من هزيمة خلفت جروحاً عنصرية واثنية وتاريخية لم تندمل حتى الآن. ونظن أنه عنصر مشترك في تحالف الملالي والنظام السوري الذي لم يطلق رصاصة واحدة على جندي اسرائيلي في الجولان المهوّد. 

أما الشعارات و»البالونات» والفقاعات الاعلامية التي تدعو إلى «محاربة العدو» واستعادة «القدس» ومحو اسرائيل من الوجود، فهي للاستهلاك والتعمية والمزايدة. ألم يصرح أحد المسؤولين الاسرائيليين مؤخراً ان داعش هو أخطر من إيران؟

هذه الشعارات «الغُبارية» من أهدافها، تعزيز سلاح حزب الله لمحاربة اللبنانيين، والعرب لا لاسترجاع مزارع شبعا. والمضحك، ان بعض مطلقي هذه الشعارات الإشاعات الشعائر، من جماعة حزب محتشمي في لبنان يصدقها ليتهم خصومه بما هو عليه أي بالعمالة للكيان الصهيوني. خصوصاً الذين «يغتالهم» أو يهددهم، أو يشهر أصابعه «الإلهية» عليهم! فإيران تنبه اسرائيل وتحثها على تكثيف مساعدة النظام السوري وحلفائه أي حزب الله وفيلق القدس والقائد الملهم «سليماني» من دون أن ننسى «رومل» العصر الحديث الجعفري، وتحث بذلك التحالف الغربي والولايات المتحدة على ضرب «داعش» وحده، دون حليفها النظام، بطل الكيماوي، والبراميل المتفجرة… والمجازر لينصب كل الاعلام والجهود التركيز على داعش، وتبييض صفحة النظام. وقد آلم إيران ان لا «يضمها» التحالف إلى جبهته للمشاركة في ضرب داعش، حتى لا يخطر ببال أحد من التحالف بمعاملة النظام البعثي المعاملة ذاتها. ويبدو أن هذه المحاولات الإيرانية الاسرائيلية قد نجحت نسبياً في تغطية جرائم الاحتلال الإيراني لسوريا، وتهالك النظام والحؤول دون سقوطه. فأوباما كفّ عن المطالبة بسقوط الأسد، وتراجع الحديث عن ارتكاباته المرعبة بحق شعبه. أكثر: كأن رفض الرئيس الأميركي تسليح الجيش الحر في بداية الثورة لم يتغير فعلياً، على الرغم من الأكاذيب التي يطلقها أوباما، عن «نياته» بتقوية هذا الجيش ليستفيد من ضرب داعش. فكأن المعركة أريد لها ان تنحصر بين الارهابيين وقوات التحالف وعملاء ايران (حزب الله)؛ بل كأنه نفيٌ لوجود ثورة شعبية سلمية سورية. قامت على المطالبة بإسقاط البعث في سوريا. كأنما هناك من يحسب حسابات ليكون الحل السياسي مشتركاً بين الميليشيات الإرهابية والنظام أو ميليشيات الملالي. وقد قرأنا مقالات عدة في الصحف الأجنبية ومنها «لوفيغارو» و«لوموند» و«ليبراسيون» تتساءل فيها هل استيقظ أوباما من غفوته وقرر الدخول في الحرب، لانقاذ نظام الأسد الهش، بعدما اجتاح داعش ما اجتاح من المناطق وبات يهدد دمشق (كما يهدد بغداد؟) وهل التصريحات الايرانية التي تستنهض اسرائيل ضد داعش لزيادة دعمها للنظام السوري تصب في هذه التساؤلات؟ الإشارات المعبرة تعبر عن ذاتها: على مرمى طائرات التحالف ، يرتكب النظام السوري وحليفه حزب الله المجازر والقاء البراميل المتفجرة ويمارس سياسة «التطهير» العرقي المذهبي بحق شعبه ولا يرف لأوباما وهولاند وكاميرون جفن ما عدا تصريحات جوفاء تافهة، لانقاذ ماء الوجه» أُريد لسوريا ان تتنازعها قوتان: ايران (ووراءها النظام) وداعش والنصرة! النظام يقصف ويدمر ويقتل ويرتكب المجازر بالأسلحة الأحدث، وكذلك داعش في منقلباتها. الجيش الحر كالشعب السوري بين فكيهما. لكن الجهود «الحضارية» الغربية لا بد ان تلتقي والعدوان «الحضاري» الفارسي والبعثي. فهؤلاء الحضاريون من اهل الفرس والعروبة الشعارية لا يقطعون الرؤوس علناً (لانهم حضاريون) بل يرتكبون المجازر بالأسلحة الحضارية، أي الكلور، والكيماوي والطيران والبراميل المتفجرة: فالأسلحة الحضارية مرهفة بالقتل وجمالية بالإبادة أما الأسلحة البدائية، السيوف والسكاكين «بربرية». المذهبية الايرانية ورديفها البعثي، انسانية، رحوم، وحدوية، وتنويرية، ومذهبية «داعش» رجعية، خطرة، ارهابية! النظام السوري قتل او تسبب بقتل 200 ألف من شعبه، ليس ارهابياً وقاطعو الرؤوس والابدان. ارهابيون. الأول، جزء من الحل… لقوة ارهابه، أيكون الثاني ايضاً جزءاً من الحل أيضاً لإرهابه فيكون الحل بين ارهابيين؟ لكن أين الشعب السوري؟ أين الـ10 ملايين مُهجر؟ أين الـ 17 ألف طفل الذين قتلتهم الماكينات البعثية الحضارية؟ أين البنى التحتية؟ أين المدن، من حلب إلى حمص، إلى ادلب، إلى ريف دمشق؟ لا شيء! هناك خطر واحد لا خطران بالنسبة لبوتين والغرب. داعش والنصرة، في القائمة السوداء، وايران في القائمة البيضاء. «دولة الاسلام» هي احتلال من الارهابيين واحتلال إيران لسوريا… حضور بهيّ! احتلال واحد لا احتلالان! واذا ابتعدنا قليلاً نجد المعادلة ذاتها في اليمن: حوثيو الفرس والملالي يجتاحون ولا من يردعهم والشعب اليمني يعاني احتلالاً جديداً، كبديل من الثورة الشعبية التي بقيت سلمية حتى خروج الرئيس علي صالح. (هل انضم هذا الأخير إلى معسكر الحوثيين؟) ولا من يعينه على هؤلاء الغزاة. الحوثيون «حضاريون»! وداعش بربري! والمعادلات حسابات سياسية لا معيارية، ولا تتصل بمنظومة القيم الغربية أو الديموقراطية. وهكذا دواليك. وقد زاد الطين بلة ان اردوغان قصف الأكراد بدلاً من قصف داعش في عين العرب. أهي سوريالية سياسية جديدة؟! أتراه اردوغان يُحضر لمواقع جديدة مفاجئة كما فاجأنا باعلان معاداته للنظام السوري، وضرورة اسقاطه فينحرف إلى مواقف مفاجئة جديدة؟

في مجمل ما أوردنا كأنما المعركة اليوم، بين ايران والعرب، من لبنان، إلى سوريا، إلى العراق، إلى اليمن. وأوباما على «موقفه» الملتبس. واذا كان اريد لهذه «الحرب» العربية الفارسية ان تتقنع بحرب مذهبية سنية شيعية، فيبدو أن سيادة الرئيس أوباما انحاز ضد العرب، وضد السنة معاً، استمراراً لموقف بوش الإبن في اسقاطه اول نظام سني منذ ألف عام في العراق، وتسليمه إلى إيران. اترى هذا ما يُحضَر له الآن؟ السيناريو القديم يتكرر في سوريا واليمن على أن يكتمل في لبنان، بذريعة ان الارهاب الداعشي والنصرة «ينتمي» إلى السُّنة كما انتمت ارهاب القاعدة مع بن لادن (تدور احاديث حالياً وتلميحات في أميركا ان بن لادن انتحر، ولم تقتله الفرقة الأميركية. وهذه نكسة لأوباما!).

وماذا عسى أوباما يقول أو يفكر (وهو مفكر برتبة أكاديمي ملول) عندما يقرأ ويسمع بعض الملالي ومجانين الفرس يصرح بأن اربع مدن عربية قد سقطت في يد إيران: ( بيروت والجنوب وبغداد ودمشق وصنعاء)، ألا تشكل هذه التصريحات الغبية التافهة النرجسية المريضة أو حتى الواقع الحالي خطراً على اميركا والغرب بقيمه الديموقراطية واحترامه حقوق الانسان لينحصر الخطر بداعش؟ وما الفارق بين بربريتين مذهبيتين. «اعلان الدولة الاسلامية والخلافة الاسلامية، ينفصل بنتائجه عن «سقوط اربع مدن عربية في أيدي ايران؟ فهناك دولة اسلامية «سنية» وفي ايران دولة اسلامية شيعية. الأولى قائمة على العنف، والثانية على العنف والقمع. الأولى دكتاتورية دينية بخليفة مطلق والثانية دكتاتورية مذهبية بمرشد مطلق. الأولى تدعو إلى «الأمة الاسلامية» والامبراطورية الاسلامية والثانية تسعى إلى اقامة الهلال الشيعي.

الأولى تستخدم العنف والارهاب والترويع والقتل والثانية بدأت بثورة شعبية خمينية، لتستخدم بعدها العنف والارهاب والترويع والقتل والتكفير والتخوين. الأولى تسعى إلى اسقاط الاحتلال الايراني الشيعي للعراق، والثانية تدعم النظام العلوي في سوريا.

والمؤكد ان مستر اوباما والغرب وسواهما يعرفون كل هذه الحقائق وقد يشاركون في صنعها وتوليدها وبلورتها. فلماذا يهرعون لمحاربة داعش دون ايران في البلاد العربية! أهي اسرائيل؟ نعم! القضية الفلسطينية؟ نعم! البترول؟ نعم! والجولان؟ نعم! القدس؟ نعم! الدولة الفلسطينية؟ نعم! 

والطريف ان اميركا لا تفعل شيئاً لدعم قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في الوقت الذي تدعم فيه احتلال ايران للعراق وسوريا. أترى الاستراتيجية الأميركية ان الدولتين (او الكيانين) الايراني والاسرائيلي هما الرهان في المنطقة وعليها ان تعززهما وان بأفضلية واضحة لاسرائيل؟ أيرى الاميركيون ان ايران هي التي تستطيع المحافظة على امن اسرائيل وحدودها واحتلالها الجولان؟ وان داعش، يهدد امن اسرائيل واحتلالها الجولان؟ انها اسئلة يُستشف بعض اجوبتها وباتت علنية بلا خجل ولا حياء؟ السيد حسن نصرالله يعلن ان قتاله في سوريا انما هو من اجل فلسطين ولبنان. يعني ان ايران حملته إلى سوريا ليسترجع القدس من القصير ويستعيد الجولان من قتاله في دمشق! ويحرر مزارع شبعا من ادلب. يذكرنا تصريح السيد نصرالله بتصريحات بعض قيادات منظمة التحرير الفلسطينية مثل «أبو اياد»: طريق فلسطين تمر بجونيه!

إذاً عرفنا السر: حزب الله الذي اعلن في بداية الثورة السلمية انه «ذاهب» للجهاد في سوريا دفاعاً عن مقام السيدة زينب ، أو دفاعاً عن بعض القرى الشيعية اللبنانية داخل سوريا. وكان واجباً علينا ان نصدق ونصفق ونهتف يا للوفاء! ويا لهذا الحرص على ارواح اللبنانيين الشيعة! صفّقوا له. وهتفوا ثم اعلن انه «يجاهد» هناك دفاعاً عن النظام السوري ثم اعلن ان قتال حزبه حال دون سقوط دمشق! ثم اضاف على مراحل وعلى جرعات: ان هناك (وبأمرة ايرانية) دفاعاً عن لبنان وفلسطين: وعلى المشككين ان يختاروا بين هذه الأهداف المتتالية المتعاقبة؟ ولأن الحزب الفارسي يدافع عن لبنان (كما دافع عن حرية الشعب اللبناني بغزوة 7 أيار الشارونية، ودافع عن الديموقراطية بانقلاب القمصان السود ضد حكومة الرئيس سعد الحريري) فها هو من جديد وفي عز «نضاله الجهادي» يُكب على الدفاع عن لبنان! وما علينا الا ان نُطرب بزجليات محمد رعد ونعيم قاسم وسواهما عندما يتباهون ويربّحون اللبنانيين «جمائلهم» المستحقة، انه لولا ذهابهم الى سوريا و«الجهاد» لوصل داعش إلى بيروت. لكن الم تصل المتفجرات إلى الضاحية؟! وهل كان هناك داعش والارهاب والنصرة عندما قررت ايران ان يلبي الحزب (الجندي في جيشها) نداؤها لنصرة الأسد! وعليه فلماذا لا نقحم الجيش اللبناني في هذه المعارك قال الحزب؟ في القلمون وعرسال كما تم اقحامه في عبرا وطرابلس، لماذا لا يتحرك الجيش تحت امرتنا في خوض هذه المعارك؟ السنا المقاومة والممانعة؟ فعلى هذا الجيش ان يكون تسليحه مرتبطاً بقوتنا» الا يؤثر تسليحه على قوتنا. على الجيش ان تبقى أسلحته دون أسلحتنا، لكي نحافظ على تفوقنا! وهكذا تبقى لنا اليد الطولى في الجيش والجمهورية والدولة.

وهنا تتدخل ايران لافساد صفقة السلاح والهبة المقدمة للجيش: نحن ايضاً نريد تسليحه! وهكذا يورط الجيش في معركة مع المجتمع الدولي. وهكذا يلوث بالارهاب! وهكذا نحدد له حاجاته نحن الإيرانيين من دوشكة ومضاد وبنادق ورشاشات ومدافع… محدودة! ألم يُصرح بعض عملاء ايران ان الجيش اللبناني لا يحتاج إلى اسلحة ثقيلة وإلى طائرات وإلى صواريخ لأن مهمته محصورة ببعض الواجبات الميدانية المحددة، ازاء 40 ألف صاروخ للحزب وطائرات بلا طيار (تتجسس على اللبنانيين لمصلحة ايران!) لأن تحرير الجنوب منوط به وكذلك تحرير القدس والجولان! والطريف ان اعلاميي محتشمي ورستم غزالي وسابقاً غازي كنعان يروّجون تصريحات نظام الملالي ويتبنون تصريحاتهم المعلنة ان بيروت سقطت في يد ايران وكذلك جنوب لبنان: فايران محتلة اذاً. واذا كانت محتلة كيف يعقل ان تزود جيش الجمهورية بالسلاح ليتفوق على جيشها الفارسي الالهي في لبنان! غرائب مؤلمة! وجنون عملاء لا حدود له.

اذاً، حزب محتشمي وعملاؤه الاعلاميون المعروفون (لبنان اول بلد في العالم يفتخر العميل فيه بعمالته للخارج! فيا لهذا الفخار!) يضعون ايديهم اليوم على «قلوبهم» النحاسية: اترى تبقى اسرائيل على دعمها للحزب (الذي اعطاها الضوء الاخضر اللامع للذهاب مرتاح البال ومطمئناً إلى سوريا؟) ولايران، ام تغير موقفها؟

والله انه الانتظار التاريخي ان ينزل الترياق لمساعدة مقاومة اسرائيل من اسرائيل؟

فيا لروعة هذه المقاومة التي باتت تجمع كل عناصر العمالة!