IMLebanon

إيران حاجة لتوحيد سوريا… ولتقسيمها

المفهوم الذي تنطلق منه روسيا لمعالجة الأزمة – الحرب في سوريا وخارجها يرتكز على تفاهم يشمل الشرق الأوسط بمسلميه العرب وغير العرب من أجل مواجهة الإرهاب. وإذا قُبِل ذلك فلا بد من انعقاد مؤتمر إقليمي لكل اللاعبين الذين لهم علاقة بالموضوع المطروح وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا ومنظمة الأمم المتحدة وأميركا وروسيا. ويبدو، استناداً إلى الناشطين أنفسهم في مركز أبحاث جدّي عربي، أن المؤتمر المذكور يشكِّل جوهر الجهود التي يبذلها المسؤولون في موسكو. أما تركيا فتبدو متحمِّسة في رأي هؤلاء. ذلك أن رئيسها رجب طيب أردوغان أعلن، بعد لقائه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في باكو ثم بعد حديثه الهاتفي معه، أن موقف الأخير من سوريا صار مشجِّعاً أكثر من ذي قبل. إذ ترك انطباعاً أنه لم يعد مع فكرة استمرار دعم الرئيس بشار الأسد حتى النهاية.

ما هو الموقف الأميركي في هذه الحال؟

أعلن وزير الخارجية جون كيري، وقبل مغادرته الشرق الأوسط عائداً إلى واشنطن، أنه يأمل في أن تنضم إيران إلى المجموعة الدولية – الإقليمية التي ستعمل لتحديد مستقبل سوريا. لكن نجاح ذلك لا تؤمّنه أميركا وتركيا وحدهما وإن كانت روسيا معهما. إذ هناك حاجة لأن تكون إيران جزءاً أساسياً من حركة هذه الدول. فهل تقبل ذلك؟ وفي أي من مراحل التحوُّل المتدرِّج في ميزان القوى داخل سوريا؟ وفي هذا المجال يقول الناشطون الباحثون إن هناك خيارين متاحين لمعسكر إيران – “حزب الله”. الأول هو محاولة إحباط أو إجهاض الترتيبات الأميركية – الروسية – العربية. والثاني هو موافقة إيران على الانضمام ومن موقع قوة إلى موسكو وواشنطن وأنقرة. والمتوقّع بين الخيارين أن تحاول طهران في البداية اعتماد الخيار الأول قبل أن تقبل لاحقاً الثاني. وهذا أمر طبيعي يفعله الجميع في ظروف مشابهة.

كيف يتصرّف النظام السوري في المرحلة الحالية المشروحة أعلاه؟

سيحاول مع داعميه وباهتياج شديد، يجيب الناشطون أنفسهم، أن يحسِّن مواقعه العسكرية على الأرض وأن يُماطل ويناور مدة طويلة. وقد أظهر ذلك الهجوم المضاد الذي قام به الأسد مع داعميه وأبرزهم “حزب الله” في الأسابيع الماضية وخصوصاً على مدينة الزبداني لاسترجاعها من أهلها ومن أعدائه داخلها. علماً أنه نفَّذ أيضاً هجمات مضادة على مناطق أخرى مثل حلب والغاب وجسر الشغور وحتى تدمر الصحراوية. ويعني ذلك أن معسكر طهران – الأسد يحاول تحسين حصته في اتفاق التسوية السياسية الذي سيكون مشابهاً ربما لاتفاق الطائف اللبناني. لكنه في مرحلة معينة سيتوقف عن القتال وسيسارع إلى طاولة المفاوضات. أما متى يحدث ذلك؟ فعندما تترسَّخ أو تتثبَّت خطوط التماس أو الفصل التي هي موضع نقاش مستمر بين منطقة النظام وطائفته الأقلوية ومنطقة الغالبية أو بالأحرى مناطقها وعندما تصبح طبيعية. وهذا ما بدأ المعنيون بالأزمة – الحرب السورية يرونه في شمال سوريا. علماً أن التوصُّل إلى خطوط فصل أو تماس نصف ثابتة سيحتاج إلى وقت وإلى قتال كثير. في اختصار لا بد أن يصبح الوضع أكثر سوءاً قبل أن يتحسَّن، ولا بد أن تركِّز إيران والأسد على إحكام السيطرة على مناطق الكثافة العلوية والمناطق التي يعتبرانها استراتيجية لـ”حزب الله” اللبناني. وفي هذا المجال يلفت الناشطون في مركز الأبحاث العربي نفسه إلى أن إيران قد تميل إلى اعتماد خيار تقسيم سوريا في حال إصرار العرب على خطة أو مشروع لا يناسبها. وقد تكون وساطتها، من أجل تنفيذ نقل سكاني شيعي من قريتي الفوعا وكفرية، ونقل مماثل ولكن سنّي من الزبداني تجنُّباً لمذابح جراء الحسم المرتقب في الموقعين، دليلاً على احتمال سيرها في اتجاه تقسيمي.

في النهاية يعتقد الإيرانيون أن ما سيحصل في سوريا هو التقسيم، إما رسمياً أو باسم آخر. والقتال الدائر الآن هو بين الخطة “باء” لإيران والأسد، والخطة “ألف” للمعارضة السورية الهادفة إلى تحرير سوريا وإبقائها واحدة، وحكم الغالبية لها. وقد يكون أفضل للمعارضة أن تعدِّل سياستها العامة بحيث تجعلها ترتكز على الوحدة الوطنية والتعددية.

وفي النهاية أيضاً تستطيع إيران الآن الحصول على “صفقة” أفضل لأن ميزان القوة في سوريا يتعدَّل ولكن في غير مصلحتها. إلا إذا قررت، إذا كانت قادرة، قلب الطاولة في المنطقة (العراق، لبنان، البحرين) وخصوصاً إذا شعرت أنها بدأت تصبح في الزاوية سوريّاً.