يستطيع المرشد آية الله علي خامنئي أن يفتخر ويفاخر الإيرانيين، أنه إذا كان الإمام الخميني قد فجّر وقاد الثورة الإسلامية، بأنه نجح في تحويل مشروعه النووي زائد «إيران قوة إقليمية كبرى»، الى مشروع قومي إيراني.
الطموحات الإيرانية بالتمدد خارج حدود إيران الطبيعية ليست جديدة. الشاه أراد وعمل لذلك، لكن طموحه كان محدوداً بالنسبة لخامنئي، إذ كان يريد أن يكون «شرطي الخليج». طموح خامنئي بعد أن دخل التاريخ الى جانب الخميني، أن يكون «قورش العظيم».
لا تقف حدود النفوذ الإيراني «الامبراطوري»، ولو تحت مسميات كثيرة خارجة من القاموس الثوري الخميني، عند المحيط الجغرافي الضيق. الإيرانيون سعداء أنهم يقفون على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وأن بلادهم «مزروعة» في العراق، وأنها تطل من اليمن على باب المندب، وتشارك في إدارة أفغانستان التي فشل الجميع تاريخياً في إدارتها، وأن نفوذها ثابت وقوي في الجمهوريات الإسلامية التي كانت أعضاء في الاتحاد السوفياتي، وأنها تغلبت في مدّ نفوذها على منافستها التاريخية تركيا منذ خمسمئة عام. قراءة سريعة لبعض التصريحات العسكرية والمدنية الإيرانية تؤكد ذلك.
[ علي ولايتي المستشار السياسي للمرشد ووزير الخارجية طوال عشر سنوات وأكثر وصاحب مجموعة «قوة إيران الصفوية» قال: «نفوذ إيران بات يمتد من اليمن الى لبنان». ترطيب هذا التصريح بإضافة «الروحي» الى النفوذ لا يقدم ولا يؤخر من طموح ولايتي الصفوي.
[ علي أكبر صالحي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية قال: «إن المفتاح الذهبي للمنطقة هو في يد إيران».
[ الجنرال رحيم صفوي قال: «إن نفوذ إيران امتد للمتوسط وخطنا الدفاعي في جنوب لبنان».
[ الجنرال علي رضا نقدي قائد الباسيج: «إن إيران تتخذ قرارات المنطقة. أي قرار تتخذه ينفّذ.. إيران تؤدي دور القوة العظمى في المنطقة».
[ الرئيس حسن روحاني: «حدود إيران الثقافية أوسع من إيران الثقافة، وحدودها اللغة الفارسية وآدابها».
[ صادق خرازي الذي منح تصريحاً لإنشاء حزب «ندا» الإصلاحي قال: «من دون التنسيق معنا لا يمكن تحقيق النجاح لأي مشروع في المنطقة«.
هذا غيض من فيض المواقف والتصريحات الإيرانية، لذلك عندما يقول الرئيس باراك أوباما: «إن إيران يمكن أن تصبح قوة إقليمية ناجحة للغاية»، يعتبر الإيرانيون هذا التصريح من «الشيطان الأكبر» سابقاً، «واقعياً وطبيعياً جداً.
«رقصة التانغو»، تتطلب شريكان متناغمان ومتفقان على كل شيء من الحلبة وحدودها الى كل خطوة على وقع موسيقى تلعبها أوركسترا باتقان شديد. في «رقصة» النفوذ الإيراني: يوجد «الراقص» الأميركي صاحب الخبرة الطويلة في الرقص. الرئيس باراك أوباما اختصر عشية رأس السنة شروط الاعتراف بإيران «قوة إقليمية ناجحة للغاية» بقوله:
[ «يجب على إيران أن تنتهز فرصة التوصل لاتفاق يمكن أن يرفع العقوبات التي تصيب اقتصادها بالشلل«.
[ «يجب أن تلتزم بالمعايير والقواعد الدولية وسيكون هذا من مصلحة الجميع».
[ «تأكد لواشنطن وباقي الدول أن طهران لا يمكنها أن تمتلك سريعاً القدرة على تصنيع الأسلحة النووية».
[ «الاعتراف بمخاوف إيران الدفاعية المشروعة». لكن يجب أن تتخلى عن مغامراتها ودعمها لتنظيمات مثل جماعة حزب الله والتهديدات التي توجهها لإسرائيل.
تقول مصادر مطلعة على الشأن الإيراني، إن الشروط الأميركية للاعتراف بإيران «قوة إقليمية ناجحة للغاية» تتضمن:
[ تخلي إيران عن الوقوف على «عتبة الانتاج الفعلي للسلاح النووي»، بعد امتلاكها التقنيات العلمية اللازمة ومنها الدورة النووية الكاملة للحصول على حاجاتها لإنتاج السلاح النووي.
[ أن التعهد الإيراني بعدم إنتاج السلاح النووي، ليس موجهاً الى الولايات المتحدة الأميركية. هذه الضمانة هي لإسرائيل، فإيران تعرف أنها لا تستطيع يوماً التفكير باستخدام السلاح النووي ضد الأميركيين لأن ردة الفعل سنكون إزالة إيران من الوجود. المشكلة هي مع إسرائيل.
[ أن حصولها على النفوذ يتطلب الاعتدال والطمأنة وتقديم الضمانات لإسرائيل قبل أميركا. وأبرز شروط الاعتدال هي في «لبننة» حزب الله بدلاً من أن يبقى مصدراً للقلق الإسرائيلي وبالتالي الأميركي.
لكي يتمدد نفوذ إيران ليصبح «دائرة« متكاملة وليس مجرد «هلال شيعي» تنتشر «نجومه» من العراق الى طاجكستان مروراً بالشاطئ الشرقي للبحر المتوسط في سوريا ولبنان وصولاً الى أفغانستان يجب أن تعمل السياسة الإيرانية تحت «مظلة الشرعية الدولية»، فهل إيران مستعدة لذلك؟.