تستعرض ايران قوتها الصاروخية (الباليستية) مجدداً عشية انتهاء مناورات «رعد الشمال» في السعودية التي تعتبر واحدة من أكبر التدريبات (والرسائل) العسكرية في تاريخ منطقة الخليج العربي.
.. وتلوّح على لسان نائب رئيس اركان قواتها المسلحة الجنرال مسعود جزائري «بإرسال مستشارين» ايرانيين الى اليمن بالتزامن مع تجاوب قوات التحالف العربي مع مبادرات للتهدئة قام بها شيوخ وأعيان القبائل في المناطق المحاذية للحدود مع السعودية.
وكأن إيران في الأمرين، تريد ان تقول إنها ترد على التحدي بالتحدي، لكن قولها المزدوج ذاك لا يدل سوى على ضمور اي امكانية فعلية وواقعية لديها لمواجهة قرار عربي، خليجي وغير خليجي، بالتصدي لتدخلاتها في شؤون غيرها، وليس للتدخل في شؤونها.
وذلك أمر لم تعتده على مدى العقود الثلاثة الماضية، وافترضت (وتصرفت) في ضوء ذلك المعطى الى ان اصطدمت أخيراً بعكسه.
لا تستطيع طهران، أياً تكن مبالغاتها وخلفيات مواقفها وسياساتها، ان تأخذ على الجانب العربي عموماً والسعودي خصوصاً، انه اعتمد حيالها سياسة عدائية مفتوحة، مثلما فعلت وتفعل هي. بل الواقع الذي لا يُنكر يفيد بأن إيران تقاتل في ارض غيرها وبواسطة غيرها ثم تدعي فوق ذلك، بأنها ستحافظ على أمنها ومصالحها من خلال اشعال أمن الجوار وتهديد مصالح دوله، واستقرارها!
ولأن مناورات «رعد الشمال» قائمة في اساسها على ارضية دفاعية وليست هجومية، فان ايران لا تستطيع ازاءها إلا ان تكتّف أيديها! ثم تذهب في التورية المضادة، الى «الرد» من خلال الاعلان عن تجربتين جديدتين لإطلاق صواريخ باليستية يصل مداها الى 1400 كلم! على الرغم من ان ذلك «استفز» الاميركيين ودفعهم الى التهديد بفرض عقوبات (أحادية) جديدة، بعد تلك التي فرضوها قبل نحو شهرين في أعقاب تجربة صاروخية مماثلة.
اي ان المعادلة الواضحة تقول إن ايران اخذت خياراً سيئاً لتتجنب خياراً اسوأ، وذلك عبر تعريض نفسها لعقوبات اميركية محدودة، بدلاً من ان تعرض نفسها لمخاطر تأكيد عجزها عن مواجهة تدريبات عسكرية عربية.. موجهة ضدها وضد تدخلاتها، قبل اي شيء آخر!
.. وما كان لها في الشأن اليمني، سوى ان تلوّح بالسيّئ لتفادي الاسوأ. اي ان تهدد بإرسال «مستشارين»، مثلما فعلت في سوريا، لمحاولة تفادي اكتمال انكسار مشروعها الانقلابي في ضوء التطورات الميدانية والسياسية التي سجلت على مدى الاشهر الماضية وأوصلت في الآونة الاخيرة، الكثير من البرودة الى الرؤوس الحامية في الضفة الانقلابية ان كان على مستوى الحوثيين او غيرهم، وفي المناطق الحدودية او في صنعاء نفسها!
وذلك (على الهامش) يستحضر المثال السوري. حيث «اضطرت» ايران برغم كل «مستشاريها» وكل مصاريفها وكل ادواتها الميليشيوية، الى التسليم باستدعاء الروسي، لمنع انهيار بقايا سلطة الاسد نهائياً.. اي انها ايضاً، اختارت السيّئ لتجنب الاسوأ!
وذلك في جملته، لا ينمّ سوى عن استراتيجية عبثية فاشلة بالطول والعرض! وما كان لها ان تكتمل سوى بـ»الاتفاق النووي» الذي اجهض حلم «القنبلة» وأظهر ان ايران كادت ان تصير موازية لباكستان ولكن اقتصادياً وتنموياً.. وليس نووياً!
.. وبعد ذلك كله، يخرج «حزب الله» في لبنان ليتحدث عن «فشل» السعودية، ويعيّر الجانب العربي بـ»نجاحات» ايران!!