لن تجدي نفعاً إطلالة عبد الملك الحوثي بالأمس في رفع معنويات نفسه وميليشياته ورفع معنويات أذرع إيران في المنطقة، ولا في رفع معنويات قاسم سليماني، كلام رأس الحوثيّين واضح وضربة الحُديْدة قصمت الظهر الإيراني وعملائه، المكابرة بلغت مداها في قوله: «لو احتلوا البلد بكامله، لما كانت هذه نهاية المعركة، وسيبقى مسارنا مسار الأحرار الأباة الذين حرروا أوطانهم في كل العالم، لا وهن ولا ضعف ولا تراجع ولا انكسار، طالما الإنسان حر فالأرض ستحرر والحقوق ستستعاد»، بالطبع رفع المعنويات هذا «حكي بحكي» ليس أكثر!
من المفارقات أنّه في هذه اللحظة الحوثيّة الإنهياريّة، تتكشف أخبار الدّاخل الإيراني وذهابه باتجاه أزمات كبرى، وعن ملاسنات حادّة بين رئيسها حسن روحاني وبين اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس من أجل تمويل الحرس الثوري، ولكن أيّ تمويل بعد عندما تعلن صحيفة جهان صنعت (عالم الصناعة) الحكومية، يجب القول بصراحة إنّه لا حليف إقتصادياً حقيقياً لإيران وأنّ البنوك الصينية لا تتعاون معنا مثل السابق، وتزيد الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية علينا كما أنّ تركيا ليس لها تعاون جيّد معنا بسبب مشكلات بسبب خلق بنك، وفي الوقت الحاضر لم تدفع نفقات محطات توليد الطاقة من قِبل الحكومة ويخشى أن لا تكون لدينا حتى قدرة على تأمين الكهرباء وبما أنّ الريال كان عملة ضعيفة خلال السنوات الأربعين الماضية فستكون على الأبواب أزمة خطيرة علی اقتصادنا. ومن الواضح أننا سنری قريبا حوادث غير محبذة في اقتصاد البلاد».
ما الذي تبقّى بعد من الاقتصاد الإيراني لم يسلبه بعد قاسم سليماني والحرس الثوري للشعب الإيراني، أرقام الجوع الإيرانية مخيفة جداً، ما الذي تبقّى بعد ما كشفته صحيفة»جهان صنعت» الحكومية التي نشرت قبل أيام تقريرًا حمل عنوان «خمسة ملايين مواطن ينامون جياعًا في إيران». وذكر التقرير أنه «وفقًا لبيانات عام 2017، فإن 33% من سكان إيران وتعدادهم (80 مليون نسمة) يعيشون في حال من الفقر المدقع»، ما الذي تبقّى بعد من أموال الشعب الإيراني التي نهبها حكم الخامنئي والحرس الثوري الإيراني وما سلبه فيلق القدس لتنفيذ مخططات قاسم سليماني السامّة والخبيثة في المنطقة؟!
هل هناك أكثر من أن تكشف صحيفة حكومية محسوبة على الرئيس الإيراني أنّه عندما حضر الرئيس روحاني إلى منصة المسؤولين قبيل خطبة الجمعة، توجّه إليه قاسم سليماني وحذّره من مغبة عدم تخصيص مبالغ إضافية للحرس الثوري وفيلق القدس، وقوبل برد عنيف من قبل روحاني، حتى تدخّل علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني تدخل للتوسط بين الطرفين لإنهاء النزاع والمشاجرات اللفظية المتبادلة»، ما الذي يتبقّى من الادّعاءات الإيرانية عندما يدور الحديث عن طلب الرئيس روحاني من شيخ قطر تميم بن حمد ـ الذي جرّ بلاده إلى كارثة ـ الدّعم المالي لإيران التي تغرق، وستغرق أكثر فأكثر!
ما الذي يتبقّى من إيران الخبيثة عندما يدشن نشطاء إيرانيون كما حدث الاثنين الماضي حملة على «تويتر»، للتنديد بالأوضاع الداخلية والاقتصادية، تحت مسمى «مائة ألف ورقة نقدية تتحدث»، وكتبوا عليها شعارات ضد نظام الملالي، وضد الخامنئي، وضد الحكومة على عملات ورقية، كتبوا عليها شعارات مثل «أنا الانقلابي»، و»عدونا موجود هنا»…
أين يصرف الإيرانيون الجائعون «تُرّهات» عبد الملك الحوثي وتفنيصات معنويات ميليشياته المرتفعة بأنّهم «لسنا من النوع الذي يأتي لمعادلات ميدانية فيشعر باليأس والاستسلام في حال حدوث خرق ميداني»، هذا خرق ميداني أم هزيمة؟! هذا غرق ميداني إيراني، بالمناسبة على الرغم من قرار الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات للتصدي للعقوبات الأميركية، فإن عملية انسحاب الشركات الأوروبية وغير الأميركية من إيران مستمرة، بالإضافة إلى العديد من البنوك ومنها بنك الاستثمار الأوروبي الذي وعلى الرغم من توصية المفوضية الأوروبية بالعمل مع إيران، فإنّها أعلنت أنّها لا تستطيع تجاهل العقوبات الأميركية، والحبل على الجرّار، وزير المالية الفرنسي، برونو لومير أعلن بنفسه «أن الشركات الفرنسية لن تكون قادرة على البقاء في إيران لأنها لن تستطيع تسلم أموالها مقابل البضائع التي تسلّمها إلى إيران أو التي تنتجها في إيران، وذلك لأنه ليست هناك مؤسسة مالية أوروبية مستقلة، بحيث تستطيع تحويل أموال هذه الشركات»، عملياً المشهد في الداخل الإيراني لا يختلف كثيراً عن المشهد في مطار الحُديْدة ومحيطه!