ترابط واضح بين اصرار النظام الايراني على الاستمرار في مواجهة إسرائيل بواسطة حزب الله في لبنان، وادواته بالعراق واليمن، برغم التفاوت في موازين القوى، والاستنزاف الواسع في صفوف الحزب وقادته، والدمار الحاصل بممتلكات وأرواح اللبنانيين وتدهور اقتصادهم، في الوقت الذي يلهث فيه النظام للتودد إلى الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب، متناسياً كل عداواته وحقده عليه، ومبديا كل الاستعداد للانفتاح على الادارة الاميركية المنتخبة، مايؤشر الى استدراج عروض ايراني مكشوف، للمقايضة وعقد صفقة جديدة مع واشنطن، تشمل الملف النووي والتخفيف من العقوبات الاميركية والغربية المفروضة على ايران، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الاميركية والغربية مع طهران.
ومنذ فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الاميركية، بفارق شاسع خلافا لتوقعات النظام الايراني، ألذي كان يسعى ويفضل وصول مرشحة الحزب الديموقراطي كاميلا هاريس للرئاسة، لسهولة التفاهم معها، من وجهة نظر النظام، واعادة احياء الاتفاق النووي الموقع بين البلدين في العام ٢٠١٥، والذي انسحبت منه الولايات المتحدةالأمريكية،ابان ولاية ترامب الاولى من جانب واحد، لوحظ ان النظام بدّلَ في خطابه السياسي، وعدّلَ في مواقفه، عما انتهجه قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، فتراجعت اولاً تهديداته بالرد على الهجوم الإسرائيلي الاخير على الاراضي الايرانية، وتجاهل كليا وعوده بالثأر من إسرائيل، بعد ان كان وعد الشعب الايراني، بعدم ترك الاعتداءات الإسرائيلية، تمر هكذا بدون الرد عليها.
الامر الثاني، مسارعة النظام لنفي اي علاقة له،بما نشر عن احباط السلطات في الولايات المتحدة الأمريكية، محاولة لاغتيال ترامب، اتهم النظام الايراني بتدبيرها، بالتزامن مع تغييب ملحوظ لكل وعود الانتقام التي قطعها كبار مسؤولي النظام، من ترامب والمسؤولين الاميركيين في ادارته السابقة، ثأرا لاغتيالهم قائد الحرس الثوري الايراني السابق قاسم سليماني في بغداد على يد الاميركيين، وباوامر من ترامب شخصيا في العام ٢٠٢٠ .
اما اللافت في الخطاب الايراني فهو مسارعة الرئيس الايراني مسعود بزشكيان، الى التودد للولايات المتحدةالأمريكية، وابداء استعداده للتعاطي مباشرة مع الإدارة الاميركية الجديدة، كما كان حال وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي أكد ان قنوات الاتصال بين واشنطن وطهران مستمرة بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية.
وفي ضوء هذا الاصرار الايراني على استعمال لبنان، ساحة مستباحة لتثبيت نفوذه وامساكه، بورقة حزب لله تحت ستار مواجهة إسرائيل من الجنوب، يواصل النظام الايراني، التدخل في كل تحرك لبناني لوقف اطلاق النار، عبر ارسال المسؤولين الإيرانيين تباعا إلى لبنان، كما حصل مؤخرا من خلال زيارة مستشار المرشد علي لاريجاني للإطلاع شخصيا على فحوى المفاوضات الجارية مع المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين لوقف اطلاق النار، واعلانه بان ايران تدعم كل خطوات الحكومة والشعب اللبناني والمقاومة ظاهريا، للتخفيف من حدة الانتقادات والاعتراضات اللبنانية على استمرار التدخل الايراني في الشؤون اللبنانية، فيما كان الهدف الاساس من زيارته، ابلاغ الحزب بالتشدد الايراني، إزاء النقاط المطروحة في آلية التفاوض، ووجوب استمرار المواجهة العسكرية مع إسرائيل في الوقت الحاضر، لان مايطرح من شروط ومطالب إسرائيلية يهدف الى تكبيل حركة الحزب، وتقليص نفوذ ايران مستقبلا في لبنان، وهذا لا يناسب النظام بتاتا، ويحدُّ من نفوذه الاقليمي، مايعني ارباك المفاوض اللبناني، وتقليص مساحة حركته، ووضع تعقيدات على مسار المفاوضات، واطالة امد الحرب الإسرائيلية العدوانية المدمرة على الحزب والشعب اللبناني، لحين تسلم الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب لمهمامه على الاقل، لترجمة التودد الايراني تجاهه والدخول في بازار البيع والشراء على حساب لبنان ايضاً.