IMLebanon

إيران تتدخّل في حرب تموز وحرب سوريا ولا تتدخّل في الانتخابات لأنّها “شأن لبناني”

لا تزال نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للبنان تثير كثيراً من التساؤلات والقراءات المختلفة الايجابية منها والسلبية. فثمة من يتساءل كيف يمكن التوفيق بين تقديره الدور الكبير الذي يلعبه الرئيس تمام سلام لتوفير الأمن ومكافحة التطرف وتنمية أيضاً هذا الدور الذي أدى الى مزيد من الهدوء والاستقرار والامن في لبنان فيما حليف حليفه “التيار الوطني الحر” يتحرك في الشارع ويرفع بعض المتظاهرين شعارات تحرض على الفتنة وتهدد الأمن والاستقرار ويكون “حزب الله” هو الحاضن والداعم علناً له وينعكس كل ذلك سلباً على جلسات مجلس الوزراء ويشله؟ وكيف يمكن ان تساعد إيران على تسهيل إجراء انتخاب رئيس للجمهورية عندما تكرر بلسان أكثر من مسؤول فيها ان هذا الانتخاب هو شأن لبناني ولا تتدخل فيه؟ فمن يصدق هذا الكلام والكل يعلم ان ايران هي التي تدخلت في اذكاء حرب تموز ضد اسرائيل التي كبّدت لبنان خسائر بشرية ومادية جسيمة لا يزال يعاني الى الآن من نتائجها. والكل يعلم أيضاً ان ايران هي التي جعلت “حزب الله” يتدخل في الحرب السورية دعماً للنظام السوري ويخالف سياسة “النأي بالنفس”، التي اعتمدتها حكومة الرئيس ميقاتي ونالت ثقة مجلس النواب على اساسها فضلاً عن مخالفة “إعلان بعبدا” الذي وافق عليه اقطاب الحوار بالإجماع وبينهم “حزب الله”.

لذلك فإن ايران عندما تقول انها لا تتدخل في موضوع الانتخابات الرئاسية مع انه تدخل مقبول عندما يكون ايجابياً، ومرفوض عندما يكون سلبياً. معنى ذلك انها لا تريد انتخابات رئاسية في لبنان وهي القادرة على تسهيل ذلك لأن من يعطِّل اجراءها هو حليفها “حزب الله” وحليف حليفها “التيار الوطني الحر” ولا يجوز ان يكون تدخُّل ايران في لبنان انتقائياً ساعة يكون سلبياً ومضراً بمصلحة لبنان وساعة يكون هذا التدخل ايجابياً ومطلوباً ايضاً. وهو ما فعلته دول كانت تتدخل في شؤون لبنان لاخراجه من أزماته. فمصر عبد الناصر تدخلت بالتنسيق مع اميركا لانتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وطلبت من مناصريها في لبنان الوقوف مع الرئيس شهاب وتسهيل مهمته، وسوريا كانت تتدخل علناً في انتخاب رئيس للجمهورية ولا تفعل ما تفعله ايران التي تنكر أي تدخل لها في الانتخابات الرئاسية وتكتفي بدعوة اللبنانيين للاتفاق وهي تعلم ان لا اتفاق في ما بينهم لتبقى رئاسة الجمهورية شاغرة الى أجل غير معروف واعمال الحكومة معرضة للتعطيل وعمل مجلس النواب معطل ايضاً فيواجه لبنان عندئذ خطر الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي بحيث يصبح مستعداً للقبول بأي حل وان سيئاً.

وثمة من يرى خلاف ذلك ويقول ان ترجمة الكلام الايجابي الذي صدر عن وزير الخارجية الايراني يتطلب بعض الوقت لأن هذه الترجمة مرتبطة بتطورات الوضع في اليمن التي تدفع نحو تحقيق تقارب سعودي – ايراني يكون له دور اساسي ومهم في تسهيل اجراء انتخابات رئاسية في لبنان وان ايران لا تستطيع وحدها تقرير ذلك ولا بد من التفاهم مع السعودية التي لها هي ايضاً دورها وتأثيرها في لبنان. كما ان ترجمة كلام الوزير الايراني مرتبطة بتطورات الوضع في سوريا. فتخلي ايران عن الرئيس الأسد قد يكون له ثمن في لبنان أو في غير لبنان، وما كلمة السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” في ذكرى انتصار حرب تموز سوى الدليل على ان ايران لم تقل كلمتها بعد.

لذلك فإن على القيادات في لبنان ان تنتظر الخارج المعني بوضعه الى حين يتم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية او ان يستيقظ ضمير هذه القيادات فتتفق على انتخاب الرئيس باحدى الوسائل الثلاث الآتية:

أولاً: أن يتفق الاقطاب الموارنة الاربعة على مرشح واحد منهم.

ثانياً: أن يتفقوا على ترشيح اثنين منهم يتنافسان ويكون الفوز لمن ينال أكثرية الاصوات المطلوبة أو أن يكون الاقطاب الاربعة هم المرشحين الحصريين وتنتخب الأكثرية النيابية واحداً منهم.

ثالثاً: أن يترك للأكثرية النيابية انتخاب من تشاء من بين مرشحين معلنين وغير معلنين وهو ما يقضي به الدستور والنظام الديموقراطي، والا تحملت القيادات ولا سيما المارونية منها مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي الى ما شاء الخارج…