الجمهورية الإسلامية الإيرانية “تعبانة” في سوريا في رأي مصادر إقليمية عربية وغير عربية جدّية. فهي ومنذ “اندلاع” “الربيع العربي” فيها تقدّم للنظام الحاكمها النصيحة والمال والسلاح و”الخبراء الأمنيين والعسكريين” والخبرة والتدريب والخطط العسكرية، وترسل له ميليشيات هي أشبه بالجيوش المحترفة من لبنان وغيره، وتساعده في تأسيس ميليشياته الفئوية، وتسعى مع حلفائها وأصدقائها في المنطقة والعالم، وفي مقدمهم روسيا، لتأمين التغطية السياسية له في المحافل الدولية ومجلس الأمن. وهي دعت روسيا للتدخل “الجوي” تلافياً لانهيار مفاجئ لنظام الأسد بعدما أظهر تقويمها للميدان السوري أن ذلك وارد. وتجاهلت رفضها الأساسي لأي شريك لها في سوريا، وهيّأت نفسها للتعامل مع الحساسيات التي يفرضها وجود جيش “أجنبي” وإن مساعد لها على أرض واحدة مع ميلشياتها و”خبرائها”، وكذلك مع التباين والتناقض في أهدافهما. طبعاً عدّل نجاح مساعيها المشار إليها الميزان داخل سوريا. لكن رغم ذلك لا تزال إيران تشعر بالتعب لأن الوضع في سوريا بتشعباته المذهبية والإرهابية صار قضية دولية، الأمر الذي قد يقلّص أرباحها فيها، ويدفعها إلى مقايضات تؤثّر على مشروعها الإقليمي الطموح الذي لم تتخلّ عنه رغم “التشقُّف” الذي أصابه.
والمملكة العربية السعودية “تعبانة” جداً في اليمن في رأي المصادر الإقليمية العربية وغير العربية الجدّية نفسها. فالحملة العسكرية الجوية التي بدأتها على الحوثيين وجيش الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في آذار 2015 لم تحقق أهدافها حتى الآن باستثناء استعادة عدن ومحافظات قليلة ووضعها في تصرف الرئيس “الشرعي” وحكومته. لكن يبدو أن سيطرة هؤلاء عليها ليست كبيرة إذ تشاركهما إياها التنظيمات الإسلامية الأصولية المتطرفة وأبرزها “القاعدة”. فضلاً عن أن المملكة لم تنجح حتى الآن في اجتذاب اشتراك عسكري بري حقيقي في حربها على “متمردي” اليمن من دول وازنة ومهمة مثل باكستان ومصر. ومن شأن ذلك زيادة تعبها وابتعادها عن الحسم الذي ترغب فيه وخصوصاً بسبب النفقات المالية الباهظة لهذه الحرب المترافقة مع انهيار مريع في أسعار النفط.
إلى ماذا سيؤدي تعب الدولتين الاقليميتين المهمتين إيران والسعودية؟
يعتقد مؤيدو الأولى أن السعودية ستخسر في اليمن وأن الحوثيين سيحتفظون بالمحافظات اليمنية التسع التي يسيطرون عليها، أو على مثلث الشمال اليمني ولكن مع منفذ بري وجوي وبحري، (المبادرة الخليجية محسَّنة)، وبذلك يصبحون على تماس مع شيعة السعودية. أما المناطق الأخرى فستسيطر عليها العشائر والقبائل، ثم تتألف حكومة من الفريقين. ويعتقدون أيضاً أن الحل في سوريا سيكون بإبدال الرئيس بشار الأسد بآخر من عائلته وبتأليف حكومة يسيطر عليها السنّة. لكن الحكم الفعلي سيكون في يد الرئيس. ويعتقدون ثالثاً أن مصالح “حزب الله” في لبنان ستكون محفوظة جيداً. أما في البحرين، التي تعارض غالبية أبنائها وهم شيعة الحكم القائم فيها لعدم احترامه حقوقهم والتي اتخذ الصراع فيها طابعاً مذهبياً سنياً – شيعياً، فإن الحل في رأي هؤلاء بتهدئة الشعب عبر إبدال رئيس الوزراء فيها الذي هناك إجماع على ما يبدو على أنه أحد أبرز أسباب المشكلة البحرينية، وإعطاء المواطنين الشيعة مواقع مهمة سواء في الحكومة أو في الإدارات. كما أن هناك حديثاً جارياً عن ملكية دستورية.
هل تصح اعتقادات مؤيدي إيران؟
إذا كانت إيران الـ”تعبانة” جداً قادرة على تحقيق المكاسب المذكورة فكيف إذا كانت مرتاحة أو صارت مرتاحة، تجيب مصادر عربية وإقليمية جدية وموضوعية. وهذا يعني أن السعودية وحلفاءها كما السنّة العرب عموماً قد خسروا وخصوصاً في سوريا. فهل هذا معقول؟ والجواب طبعاً لا استناداً الى المعطيات الحالية التي قد تتغيّر مستقبلاً. انطلاقاً من ذلك تعتقد المصادر الإقليمية العربية وغير العربية الجديّة نفسها أن ميزان القوى الاقليمي – الدولي لا يسمح بخسارة المملكة. فالولايات المتحدة لن تسمح بالاعتداء عليها مباشرة حتى لإيران رغم التحسّن البطيء والتدريجي في علاقتها معها بعد الاتفاق النووي. أولاً لأنها دولة حليفة، وثانياً لأن غالبية العرب والمسلمين معها أو بالأحرى ضد إيران الشيعية. والتغاضي عن خسارتها سيعبئ سنّة العالم كله ضدها. علماً أن الولايات المتحدة ليست في وارد دفع إيران إلى الخسارة أولاً لأن لا قدرة لها على ذلك ولا رغبة لها فيه. فهذه الدولة الجدية والعريقة قادرة على المقاومة، وزعيمة العالم في حاجة إليها لمواجهة الإرهاب الإسلامي المتطرّف جداً.