اين مقاربة الواقع في سب المملكة العربية السعودية، واين مصلحة لبنان في معاداتها، ليس لانها دولة صديقة وعريقة في علاقاتها الاخوية مع لبنان، بل لان لا مصلحة لنا في خصومتها، حيث لا يعقل ان يفكر انسان سوي في المجاهرة بوضعها في موضع ايران، لمجرد ان ثمة مصلحة خاصة لحزب الله في ان تكون على علاقة وطيدة مع الدولة الفارسية غير القادرة على ان تحل محل اية دولة خليجية تستقطب الالاف من اللبنانيين، لمجرد ان علاقات السعودية ليست جيدة مع المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج العربي.
عندما يتحدى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المصلحة اللبنانية العليا، لمجرد انه شخصيا مع علاقة جيدة مع طهران، فيما يتناسى الالاف من اللبنانيين العاملين في المملكة ودول الخليج، فضلا عن استعداده لان يراهن على طرد اللبنانيين من هناك، من غير ان يكون ضامنا لمصلحة هؤلاء في اماكن بديلة، وثمة سؤال في هذا السياق لا بد من طرحه على حزب الله وهو «كم عدد العمال اللبنانيين في ايران من الذين قد نقلون اعمالهم اليها في حال تم ابعادهم عن دول الخليج العربي»؟!
بل اين الذكاء في جر لبنان الى خصومة غير متكافئة مع السعودية وغيرها، حتى وان كان المقصود الدفاع عن مصلحة ايران والمذهب الشيعي عموما، طالما ان النتائج تحسب بما بعد الانتقاد لاسيما عندما يقال بصريح العبارة «اننا نتحدى السعودية في حال قررت ابعاد اليد اللبنانية العاملة فيها، وحيث تمنع رعاياها من المجيء الى لبنان، وهذه المعادلة الغبية القصد منها لحس المبرد كما يقول المثل الشائع، ان «الذي لا تقدم عليه وجه اليه سهام غضبك» وما اكثره من غضب لبناني فائق الغباء؟!
ومن حيث المبدأ، لا بد من القول ان سنين طويلة مرت على عدم مجيء سياح عرب واجانب الى لبنان، قصدوا دولا عربية اخرى او اجنبية لا فرق، من غير ان يتأثر احد هؤلاء بعدم سؤال خاطرنا، في الوقت الذي يعرف الجميع ما قدمته وتقدمه السعودية من مساعدات مادية ومعنوية الى لبنان، كان اخرها هبة المليارات الثلاثة لشراء اسلحة وعتاد للجيش اللبناني، فيما لم يسمع احد كلمة بهذا المعنى من الدولة الفارسية الغارقة في حربها الى جانب النظام السوري كما تشارك في الحربين العراقية واليمنية، الى حد اجماع المراقبين على القول ان من الضروري ترك ايران تتخبط في حروبها ونزاعاتها السياسية والمذهبية؟!
والذين من هذا الرأي ليسوا اقلة، اضافة الى اخرين يرون ان الولايات المتحدة الاميركية هي من يشجع ايران في حروبها، لاغراقها في الديون وفي التخبط السياسي والعسكري من دون طائل، اضف الى ذلك ان الاميركيين يعرفون تماما ان من مصلحتهم «ابقاء الكف برقبة ايران» كي لا تصل الى اليوم الذي تفكر فيه بانتاج قنابل نووية، بدليل عدم الانتهاء من الملف النووي الايراني الى حد ارجاء توقيع ما تم الوصول اليه الى اواخر حزيران المقبل، كون واشنطن تعرف انه يستحيل عليها مهادنة طهران، مقابل معاداة السعودية ودول الخليج العربي الاخرى!
ومن هذا المنطلق، يرى المراقبون الديبلوماسيون ان الخطوة الاسلم عاقبة، هي ترك ايران في حروبها لانها ستعلن افلاسها العسكري والسياسي في موعد لن يتعدى السنتين على ابعد تقدير، وهذا محسوب بدقة متناهية في مشاريع الهيمنة الاميركية على القرار الايراني الذي لا بد وانه يشعر بضعف نظر ورؤية سيئة في مجال تعاطيه مع السعودية ودول الخليج العربي.
واذا كان لا بد من كلام على الواقع الايراني في اليمن فان الضربات الجوية للتحالف العربي مرشح لان تستمر طويلا، وليس من في وسعه تحديد موعد زمني لانسحاب ايران من حروبها، لان ظروفها الاقليمية والدولية غير مؤاتية لان تستمر طويلا، اضافة الى حاجة ايران الى الاموال المحتجزة في كل من اميركا والدول الغربية، فيما لا مجال امام روسيا لان تساعدها باكثر من المجالات العسكرية التي باتت مرهقة بالنسبة الى موسكو؟!
واصحاب هذه النظرية يرون ان ديون موسكو تخطت المليارات ان بالنسبة الى ضلوعها في الحرب السورية، وهي تسير في الاطار عينه في اليمن، او بالنسبة الى ما يمكن للروس تخطيه في المديونية الضخمة في هذه المنطقة من العالم، مع الاخذ في الاعتبار المجالات السياسية التي تحول دون موسكو وزيادة مديونيتها المرهقة اصلا، مع ما يعنيه ذلك من ان الاميركيين يفضلون ان تخسر روسيا من خلال مساعداتها لسوريا واليمن من ان يربح تنظيم داعش ومعه تنظيم النصرة؟!