لنبدأ من اللحظة الأولى: لماذا اختار حسن روحاني عنوان “قائمة الأمل” [ أميد]، لمجموعته التي خاضت الانتخابات الايرانية، التي يبدو انها رجّحت مواقع الاصلاحيين والمستقلين في مواجهة الأصوليين، أولئك الذين سبق لهم ان قمعوا “الحركة الخضراء” التي يقبع قادتها في الاقامة الجبرية؟
أطرح السؤال من زاوية سيكولوجية: اذا كان كل شيء على ما يرام والناس في الرضى الكامل، لماذا وبماذا يكون الأمل، واذا لم يكن روحاني مقتنعاً ان لدى الايرانيين أمل بشيء من التغيير والنوافذ المفتوحة والهواء العابر للحدود، وخصوصاً الآن بعد الاتفاق النووي الذي يفترض ان يشرّع ابواب ايران أمام زحف الشركات والاستثمارات الغربية، في بلد كانت باريس تحسد احتفالات برسيبوليس التي تقام فيه قبل الثورة؟
أولم يخرج الايرانيون في مسيرات صاخبة ومهللة احتفالاً بتوقيع الاتفاق لمجرد انهم افترضوا ان فيه بطاقة سفر ايرانية الى العالم وأيدٍي خارجية تقرع أبواب ايران المغلقة، اذاً لم يكن اختيار عنوان الأمل الا استجابة لأمل عميق عند الايرانيين بشيء من التغيير، وخصوصاً بعدما حاول المحافظون سد الأبواب سلفاً، عندما رفض مجلس الرقابة على الدستور الذي يراجع عادة قوائم المرشحين للانتخابات، السماح لآلاف من مؤيدي الاصلاح بالترشّح، وبينهم حسن الخميني حفيد آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية.
على رغم ان غربال المحافظين هو الذي أجرى فحصاً للمرشحين قبل ان يحتكموا الى صناديق الاقتراع، أجمع المراقبون على ان نتيجة الانتخابات شكّلت نكسة للمحافظين بعد سقوط كبار قادتهم في مجلس الشورى، ما قد يسمح باجراء تغييرات عميقة في البلاد سواء في الداخل أو على صعيد العلاقات الخارجية، وخصوصاً بعدما تبيّن ان الاصلاحيين حققوا ايضاً تقدماً غير متوقع في مجلس الخبراء الذي يسيطر عليه المحافظون ويتولى تعيين المرشد الأعلى، وخصوصاً مع الحديث عن مرض المرشد علي خامنئي.
مهما تعددت الآراء من الواضح ان الشعب الايراني ايّد بغالبية ساحقة سياسات الرئيس روحاني الذي سبق له ان تعهّد اجراء اصلاحات جذرية في المجالات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية، ولهذا يرجّح المراقبون ان يكون “أمل” روحاني في التغيير، هو فعلاً القاعدة التي فرضت ترتيب تحالفات الضرورة الانتخابية بينه وبين المستقلين والمحافظين المعتدلين الذين ينفرون من الخطاب العدائي المتصلب. انه انتصار محقق للاصلاحيين عندما تقول صحيفة “ماردوم سالاري” ان هذه الانتخابات قد تكون نقطة تحول في تاريخ الجمهورية الاسلامية “لأن الانجاز الأكبر هو عودة الاصلاحيين الى النظام الحاكم وكي لا يصفهم أحد بعد الآن بأنهم متسللون ودعاة فتنة”، لكنه ليس انتصاراً عندما تحذّر صحيفة “كيهان” المقربة من المرشد خامنئي، مما وصفته بـ”محاولة لخلق أوهام النصر”… وهي بالتأكيد ليست لعبة متفقاً عليها بين أقنعة اصلاحية باسمة ووجوه نظام عابسة!