IMLebanon

إيران المتحوّلة

لم تعجب نتائج الانتخابات الايرانية مؤيدي إيران في نواحينا، مثلما لا تعجبهم من الأساس كل هذه الخبرية التي تضع «يقينيات مقدسة» تُخاض من أجلها حروب فتنوية مدمرة، تحت رحمة التصويت العام ولعبة الأكثرية والأقلية!

وقد لا يطول الزمن، على ما يبدو، قبل ان يبدأ هؤلاء في تلمّس «مخاطر» الذهاب بإيران، من قبل أهل ايران، الى اماكن غير مستحبة! حيث لا تُعرف فيها المصلحة الفعلية والعليا لجمهورية «الولي الفقيه» بالقدر الذي يعرفونه هم، أنصار هذه الجمهورية في لبنان!

وتلك معضلة آتية لا محالة اذا ما بقي المسار الداخلي على ما هو عليه. واستمرت الاشارات الدالة على اصابة غالبية الايرانيين بتعب مركّز ومكثف من المرحلة «الثورية» التي امتدت على مدى السنوات الخمس والثلاثين الماضية وتميزت بحروب ومواجهات ونزاعات امتدت من المحيط المباشر الى ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، وسبّبت خسائر مادية وبشرية هائلة من دون ان تحقق مردوداً يُعتزّ به!

والواقع يقول، ان «الاتفاق النووي» مع الولايات المتحدة اساساً، كان ثمرة عوامل كثيرة منها العقوبات الخارجية القارصة و»الاجماع» الدولي على منع جمهورية «الولي الفقيه» من امتلاك سلاح دمار شامل، لكن ابرزها وأهمها كان ذلك التحوّل الداخلي الذي انتجه جيل شبابي مهتم بالدنيا قدر اهتمامه بالدين! ويتطلع الى الخارج باعتباره مساحة تلاقٍ وليس موضع احتراب! ومحور تبادل ثقافي ومعرفي وتكنولوجي وليس ساحات مفترضة لتلقف افكار وآراء وسياسات وايديولوجيات صدامية ونافرة واستفزازية، حتى لو كانت مغلفة بشعارات مغزولة على نول مزدوج يدمج المذهب بالقومية فوق «سجادة» واحدة!

.. وكأن شيئاً من ذلك سبق وأن حصل مع امبراطورية العمال والفلاحين في الاتحاد السوفياتي.. حيث لم يعوّض «الانتشار» الخارجي ولا النفوذ الدولي، ولا الاعتداد بالقدرات العسكرية الفعلية والحقيقية، وليست المقلدة والمدعاة! عن الخواء الداخلي العميم. وعن تراكم أزمات تبدأ بالاجتماع والتنمية وبديهيات الحياة اليومية ولا تنتهي عند مصادرة الحق المقدس بالحرية والتملك!

الانتخابات الايرانية، تقدم مرة جديدة، اشارات على بدء دخول تلك البلاد مرحلة تغليب الداخل ومتطلباته وحاجياته وشروطه، على الخارج وطموحاته ومواجهاته واستنفاراته وأكلافه! وتلك عملية قد تكون بطيئة ومعقدة، وقد تكون انشطارية وسريعة الحركة.. لكنها في الحالتين، لن تبقي المدى الخارجي على ما هو عليه، حتى وان «انزعج» اتباع «المرشد» في نواحينا، وظلوا على ايثارهم استيراد صناديق الذخائر من هناك بدلاً من صناديق الاقتراع!