IMLebanon

حزب الله على «طاولة» المحادثات الاميركية-» الاسرائيلية» «مناورة اسرائيلية» لجذب انتباه رئيس ال «سي اي ايه» : التهويل بشن حرب للحصول على التزامات بشأن ايران !

 

 

لم يغير الانهيار الشامل في لبنان من اولويات الطبقة السياسية المتحكمة بمفاصل الدولة المتهالكة، ولم يكن ينقص البلاد الغارقة في العتمة والجوع، حيث باتت «المافيات» تدير القطاعات الحياتية كافة، الا الانقسام «الطائفي» داخل مجلس النواب على كيفية مقاربة التعامل مع جريمة المرفأ، وهو امر يعيد البلاد الى اجواء قاتمة لكنها متعمدة لشد عصب الشعب المنهك في ازماته، لكنه بمعظمه يكتم غضبه عندما يفكر اي احد المسّ بزعيمه او حزبه… وفي هذا السياق تقف الكثير من دوائر البحث والترصد في سفارات غربية في بيروت امام حالة الاعجاز غير المسبوقة في التجربة اللبنانية، ووفقا للمعلومات لم تجد تلك الدوائر اي تفسير منطقي او علمي لهذا «الخنوع» لدى الشعب اللبناني بعد عام ونصف من سرقة امواله وتجويعه، واذلاله امام محطات الوقود، والافران، وفقدان قيمة العملة الوطنية 90 في المئة من قيمتها، واحتكار الادوية، وانفجار شبه نووي، والعتمة الشاملة، وغيرها من ادوات «الذل»، فرد فعله جاء متواضعا، وبدل «الثورة» على الواقع، كان التأقلم مخيفا، ما دفع سفير احدى الدول الاوروبية الى الخروج عن «اللياقة» الديبلوماسية والقول « لقد تبين لنا ان الشعب اللبناني كان اكبر كذبة، وكل الصورة النمطية المعروفة عنه سابقا تبين انها مجرد فقاعات صابون»؟!

 

وفيما الجميع يدور في «حلقة مفرغة» داخليا، وحفلة التكاذب الحكومي على حالها، يتحدث الديبلوماسي نفسه عن حفلة «تذاكي» مسرحها «اسرائيل» لكن لبنان حاضر فيها، فمع وصول مدير وكالة الاستخبارات الاميركية وليام بيرنز الى «اسرائيل» وسط تصاعد التوترات مع إيران، يحضر التصعيد مع حزب الله على الحدود اللبنانية كاحد الملفات «الطارئة» التي ستبحث مع رئيس «الموساد» دافيد برنياع، ورئيس وزراء العدو نفتالي بينيت وغيرهما من كبار «المسؤولين الاسرائيليين».

 

ووفقا لتلك المصادر، فان «تبادل الرسائل» النارية على الحدود الجنوبية، يثير قلق واشنطن التي تخشى اندفاع «اسرائيل» نحو خلق الازمات في الشرق الاوسط لتعطيل الجهود امام التوصل الى اتفاق يكفل العودة الى برنامج إيران النووي.

 

وما زاد من قلق الاستخبارات الاميركية تقديرات «مفخخة» رفعها «مركز أبحاث الأمن القوميّ الاسرائيلي»، عشية زيارة بيرنز اعتبر فيها ان «الوقت الراهن» هو الوقت الأنسب والأنجع للقيام بتوجيه ضربة عسكريّة لحزب الله. وذلك للتخلص من خطر استراتيجي حتى لو كان الثمن تصعيداً إضافياً على الحدود الشمالية؟ و»اسرائيل» التي تنظر بكثير من الارتياح لسلسة من الاحداث والتصريحات التي جرت وصدرت مؤخرا في لبنان، تعتقد ان الاحتجاجات وتعاظم المعارضة لحزب الله يعززان هذا التقدير، ولذلك يرى «مركز ابحاث الامن القومي» ان القيام بخطوة عسكرية «مجازفة تستطيع إسرائيل أن تسمح لنفسها بها».

 

وتزامنت الزيارة مع ما كتبه الديبلوماسي الاميركي السابق دينس روس، وهو من اشد المؤيدين «لاسرائيل»، والمحلل السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية، كينيث إم بولاك، في موقع «ذا هيل» حيث اكدا إن بايدن تمكن حتى الآن من منع «وعاء» الشرق الأوسط من «الغليان» إلا أن شركاء وحلفاء الولايات المتحدة بحاجة الى معرفة ما هي خطط أميركا في المنطقة قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وحذر الكاتبان من انه إذا لم يشعر حلفاء أميركا في الشرق الأوسط بأنهم يعرفون ما الذي تريده واشنطن أو لا يفعلون شيئاً لما يرون أنه تهديدات، فسوف ينفجرون من تلقاء أنفسهم، وغالباً ما تؤدي هذه الإجراءات الى اثارة كوارث جديدة في المنطقة.

 

لكن في المقابل، تعتقد تلك الاوساط ان «اسرائيل» تحاول الضغط على واشنطن في لبنان للحصول على التزامات بشأن الملف الايراني، فالتلويح بالحرب ليس واقعيا، خصوصا ان واشنطن لا تريد ما يعكر سياستها الشرق اوسطية. هذا الاستنتاج توافق عليه مصادر مقربة من حزب الله تؤكد أن كل ما تقوم به «اسرائيل» هو مجرد «صراخ» عال لجذب انتباه الولايات المتحدة الاميركية ازاء ارتيابها من العلاقة مع ايران، وقيام حزب الله برده المدروس مؤخرا لم يكن مجرد تخمين حيال ما إذا كانت «إسرائيل» ستشن حرباً شاملة ضد لبنان عقب الإطلاق، بل كان يدرك انه قادر على تحمل مسؤولية مخاطرة محسوبة وعقلانية.. وباعتراف صحيفة «هارتس الاسرائيلية»،ان «اسرائيل منشغلة الآن بكورونا، ولم تقف حكومتها بعدُ على قدميها، وهي قلقة من التهديد النووي الإيراني ولا تريد فتح جبهة أخرى. اما موقف واشنطن اللامبالي تجاه نزاعات الشرق الأوسط وعدم رغبة بايدن في التدخل، الى درجة أنه لا ينوي الرد بصورة عسكرية حتى على مهاجمة إيران للسفن في الخليج، والبرودة الاسرائيلية –الروسية حيال ما يحصل في سوريا، فهي دلائل اضافية على ضعف الموقف الاسرائيلي».

 

وفي الخلاصة، لا تستطيع «اسرائيل» بناء رهاناتها على احداث وتصريحات معادية لحزب الله على الساحة اللبنانية للقيام بحرب جديدة ترغب بها بشدة اذا كانت نتائجها مضمونة، لكنها لا تبدو كذلك، وهي من خلال التصعيد الاخير جنوبا تحاول استدراج واشنطن الى «الطاولة» للحصول على ايجابات وتطمينات حيال «الخطر» الايراني، وزيارة بيرنز تأتي في هذا الاطار، وقد ضيّق حزب الله بردّه الصاروخي على «الاسرائيليين» هامش المناورة، لانهم غير قادرين على الذهاب للمواجهة دون غطاء اميركي لا يبدو متاحا اليوم، وهو ما سيبلغه مدير الاستخبارات الاميركية لنظرائه «الاسرائيليين».