لا تعلم سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت، من اين حصل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على معلومات قال انها توفرت لديه، عن مقايضة طرحتها طهران على مراجع دولية، بان يبقى الرئيس السوري بشار الاسد في الحكم، مقابل الموافقة على انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لا لون ولا طعم له، حيث فوجئت اوساط ديبلوماسية، بما قاله جعجع، وهي تدحض كل ما اعلنه، لان الموضوع كله لم يُطرح، لا بل لم يجر التطرق اليه مع اي موفد زار ايران، وان مساعد وزير الخارجية الفرنسية لشؤون افريقيا والشرق الاوسط فرانسوا جيرو الذي بحث موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان مع المسؤولين الايرانيين، كان جوابه ان هذا شأن لبناني داخلي، وليس مدار بحث في طهران، بل في بيروت.
من هنا كانت المفاجأة لدى الاوساط الديبلوماسية الايرانية، مما اورده جعجع، والذي جاء في وقت، تعزز فيه وضع الرئيس الاسد، الذي يقرر الشعب السوري ما اذا كان يبقى في منصبه او لا، وقد اعلن رأيه في الانتخاب المباشر الذي جرى العام الماضي، وكانت النتيجة ان اعيد انتخابه، وهو يمثل الشرعية، ويتم التعاطي معه على هذا الاساس، وبما يمثل كرمز للدولة السورية.
اما في شأن الربط بين الرئاستين السورية واللبنانية، والمقايضة بينهما، فهذا امر غير صحيح، ولم يرد اصلاً، وفق الاوساط، التي تشير الى ان الازمة السورية بدأت مطلع العام 2011، ولم تكن رئاسة الجمهورية في لبنان يتم التداول بها، لانه كان يفصل عن انتخابها ثلاث سنوات، والعهد في منتصفه، وكان خصوم النظام السوري، يتوقعون سقوط الاسد خلال فترة قصيرة، كما حصل في تونس ومصر، لكن هذا لم يحصل، لا بل ان صمود الرئيس السوري وتماسك مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة الجيش الذي حصلت فيه عمليات فرار فردية، وليست انشقاقات كبيرة، هو الذي افشل محاولات اسقاط سوريا الدولة والنظام والجيش، وفرض على الاطراف المعادية لسوريا، ان تقبل بالحل عبر الرئيس الاسد، ووافق البعض على مرحلة انتقالية، فيما سلّم البعض الآخر على ان يكمل الرئيس الاسد ولايته التي تنتهي عام 2021، وتجري انتخابات.
فما يريده جعجع من كل ما ادلى به، بحسب الاوساط، هو تكرار معزوفته ان ايران تعطل الانتخابات الرئاسية عبر «حزب الله»، ولا تريد ان تحصل، وفي الوقت نفسه، كان يقول ان «حزب الله» يناور في تأييده للعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فاذا به ينكشف عدم صحة ما ذكره، ان اعلن الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله «ان عون هو مرشحنا حتى يوم القيامة». فعلى ماذا يبني جعجع معلوماته التي يتبين انها كلها خاطئة، ويمر وقت قصير جداً، لتظهر معلوماته الخاطئة، وفق الاوساط التي لا يعنيها مثل هذا الكلام الذي سيسقط فوراً، ولا يوجب الرد عليه، لان المواطنين سيكتشفون من تلقاء انفسهم عدم صدقيته.
وما قصده جعجع مما قاله، هو خلق بلبلة سياسية، تؤكد الاوساط، واظهار ان ايران تعطل انتخابات الرئاسة في لبنان، لتضمن بقاء الاسد في السلطة في سوريا، وهذا يدحض ما يقوله جعجع وحلفاء له في 14 آذار، من ان ايران و«حزب الله» وحلفاءهما يعملون لفرض رئيس جمهورية في لبنان، وان رفض جعجع وفريقه للعماد عون، لانه يحظى بدعم ايران ويقيم حلفاً معها، ويصنف نفسه انه من محور المقاومة والممانعة، فكيف تعمل ايران على مقايضة بقاء الاسد برئيس في لبنان لا لون ولا طعم له؟ فهل صحيح هذا الكلام تقول الاوساط التي تؤكد ان ايران هي مع ما يتفق عليه اللبنانيون؟ وقد اعلن رئيس مجلس الامن القومي علي بروجردي، في زيارته الاخيرة للبنان، وبعد خروجه من لقائه رئيس الحكومة تمام سلام، انه يأمل ويتمنى، ان يعود الى لبنان في زيارة ثانية ويزور رئيس الجمهورية وفي وقت قريب. الا يعني هذا الكلام شيئاً لجعجع، عن حرص ايران على انتخاب رئيس للجمهورية، وعن تأكيد حلفائها اولهم «حزب الله»، انه يريده يمثل بيئته السياسية والشعبية ويكون قوياً فيها ووطنياً.