Site icon IMLebanon

كيف نردع إيران عن امتلاك السلاح النووي؟

 

مع توقف المفاوضات إلى أن تتولى إدارة متشددة جديدة السلطة في طهران، فإن فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في القريب العاجل تبدو غير مشرقة. وحتى المحادثات الناجحة قد لا تمنع قادة إيران من السعي لامتلاك أسلحة نووية. ولذلك تحتاج إدارة الرئيس جو بايدن إلى إيجاد طريقة أفضل لردعهم.

لا يزال من الممكن، وربما من المحتمل أيضاً، أن تدفع الرغبة في تخفيف العقوبات الإيرانيين إلى الانضمام إلى الاتفاق، المعروف رسميا باسم «خطة العمل المشتركة الشاملة»، بمجرد أن يخلصوا إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم المزيد من التنازلات. من شأن ذلك أن يؤدي إلى تراجع بعض الإنجازات التي حققتها إيران مؤخراً، بما في ذلك تخصيبها لليورانيوم إلى درجة نقاء 60 في المائة وإنتاجها معدن اليورانيوم المستخدم في إنتاج الرؤوس الحربية النووية.

ورغم ذلك، فإن العودة إلى الوضع السابق سوف تسلط الضوء أيضاً على أوجه القصور الأساسية للصفقة الأصلية – ولا سيما بنودها التي اقترب موعد تنفيذها. فعندما تنتهي الأحكام الرئيسية لـ«خطة العمل المشتركة الشاملة» في عام 2030، لن تكون هناك قيود على حجم البنية التحتية النووية لإيران، أو عدد أو أنواع أجهزة الطرد المركزي التي يمكنها تشغيلها، أو حتى كمية المواد الانشطارية المستخدمة في صنع الأسلحة التي قد تمتلكها أو تنتجها. وبحلول عام 2023، بعد عامين فقط من الآن، لن تكون هناك قيود على الصواريخ الباليستية الإيرانية، وهي مركبات نقل فعالة للغاية للأسلحة النووية.

إن حقيقة أن إدارة بايدن تأمل في الوصول إلى اتفاقية متابعة «أطول وأقوى» تظهر اعترافها بأن «خطة العمل المشتركة الشاملة» ليست كافية. فالمشكلة هي أن الرئيس الإيراني القادم إبراهيم رئيسي أوضح أن إيران ليس لديها مصلحة في مثل هذا الاتفاق. فنادراً ما تغير الإغراءات سلوك إيران ومن غير المرجح أن تغير رأي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أو الرئيس الجديد.

إن إصرار إيران على أنها لا تنوي تطوير أسلحة نووية أمر لا يمكن تصديقه. فإذا كانت بالفعل لا تنوي ذلك، لكان بإمكان النظام اتباع بدائل أقل تكلفة بكثير لبناء قدرات التخصيب الخاصة بها. كان إنشاء صناعة نووية مدنية لتوليد الكهرباء باستخدام الوقود المجهز من خارج البلاد دائما أحد الخيارات، وهو الخيار الذي رفضته إيران مراراً وتكراراً. فالأدلة على عملها في تصميم رؤوس نووية، التي جرى الكشف عنها في الأرشيف النووي الذي أخرجته إسرائيل من طهران، تؤكد اهتمامها ببرنامج أسلحة.

إذا لم تستطع الولايات المتحدة إقناع إيران بتقليص مثل هذه الطموحات باستخدام الجزرة، وهو ما يبدو غير مرجح بالنظر إلى سعي إيران الحازم إلى إنشاء بنية تحتية نووية كبيرة، فيجب عليها أن تجد المزيد من العصي الفعالة. وللشروع في ذلك، يتعين على إدارة بايدن إعادة صياغة هدفها المعلن وأن تكون واضحة في أن الولايات المتحدة عازمة على منع إيران ليس فقط من امتلاك سلاح نووي، بل أيضاً من امتلاك القدرة على إنتاج قنبلة في وقت قريب. ومن المحتمل جداً أن تأمل إيران في أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية على غرار اليابان، التي لا تمتلك سلاحا نووياً ولكن لديها كل الوسائل لإنتاج أحدها بسرعة كبيرة. على عكس اليابان، تشكل إيران تهديداً لجيرانها ويجب ألا تكون في وضع يمكنها من تقديم أمر واقع للأسلحة النووية للعالم في الوقت الذي تختاره.

وبالتالي، يجب على إدارة بايدن أن تشدد سياستها المعلنة لتقول إن إيران لن يسمح لها بأن تصبح دولة تقف على عتبة إنتاج أسلحة نووية. فمن الناحية النظرية، يمكن للمفاوضات أن تؤجل مثل هذه النتيجة. وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك في تمديد بنود انتهاء «العمل بخطة العمل الشاملة المشتركة» لمدة 10 إلى 20 عاماً أخرى. قد يكون البديل الأفضل هو فرض قيود صارمة على قدرات إيران الإنتاجية وأعداد وأنواع أجهزة الطرد المركزي التي يمكنها تشغيلها إلى الأبد.

ورغم ذلك، إذا استمرت حكومة رئيسي في رفض مواصلة المحادثات، فيجب على الولايات المتحدة أن تجعل تكاليف السعي وراء عتبة السلاح النووي أكثر وضوحا. للقيام بذلك، يتعين على إدارة بايدن النظر في تزويد إسرائيل بصواريخ GBU – 57 Massive Ordnance Penetrator، وهي أداة اختراق جبلية تزن 30 ألف رطل، بحسب مطالبات البعض في الكونغرس. يمكن استخدام مثل هذا السلاح لتدمير منشأة التخصيب الإيرانية «فوردو» تحت الأرض، بالإضافة إلى مواقع نووية أخرى محصنة.

بالطبع سيحتاج البيت الأبيض إلى التوصل إلى تفاهم قوي مع الإسرائيليين حول دوافع استخدام القنبلة. لكن الاستعداد لتزويد إسرائيل بمثل هذا السلاح المخيف والاستعانة بقاذفة «بي 2» لإيصاله، سوف يرسل رسالة قوية. قد يشك الإيرانيون فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستتابع تهديداتها، ولن يواجهوا أي مشكلة في تصديق أن الإسرائيليين سوف يفعلون ذلك.

في الواقع، قد يكون توفير صاروخ «GBU – 57» لإسرائيل أفضل حافز لإيران للتفاوض على صفقة «أطول وأقوى». عندها فقط قد يقبل النظام الإيراني حقيقة أن الولايات المتحدة جادة في منع إيران من أن تخطو أولى خطواتها على عتبة السلاح النووي وستدرك (إيران) أنها تخاطر ببنيتها التحتية النووية بالكامل في غياب اتفاق يحد منها. في ظل هذه الظروف، سيكون لدى قادة إيران حافز للحصول على شيء ما الآن لقبول خيار ما، بدلا من فرض نتيجة قد تفرضها الولايات المتحدة وإسرائيل.