IMLebanon

إيران النووية تواجه هزيمتين

“ستواجه القيادة الإيرانية هزيمة سياسية – استراتيجية إذا رضخت لشروط مجموعة الدول الست ووقعت معها إتفاقاً على أساس هذه الشروط ينهي النزاع على برنامجها النووي، وستواجه هزيمة أيضاً اذا فشلت المفاوضات ولم يوقع الإيرانيون هذا الإتفاق النهائي مع المجموعة الدولية التي تضم أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا”. هذا ما قاله لنا مسؤول دولي بارز وثيق الإطلاع على مضمون المفاوضات الإيرانية – الدولية المعقدة والصعبة والمتواصلة منذ أشهر، إستناداً الى وقائع ومعطيات ومعلومات برزت خلال عملية التفاوض. وركز المسؤول الدولي في هذا المجال على الأمور الأساسية الآتية:

أولاً – المسألة الجوهرية في هذه المفاوضات هي ان الدول الست تتمسك بضرورة أن تقدم إيران تنازلات جوهرية مهمة من أجل أن تثبت فعلاً للعالم ان برنامجها النووي هو للأغراض السلمية المدنية وليس للأغراض العسكرية، مما يتطلب أن تتخلى طهران عن كل مكونات وعناصر برنامجها التي يمكن أن تسمح لها بامتلاك القدرات التكنولوجية الضرورية لإنتاج السلاح النووي. وهذا التنازل كبير وجوهري إذ ان إيران أنفقت في السنوات الاخيرة عشرات المليارات من الدولارات وخضعت لعقوبات دولية – غربية بالغة القسوة وفي كل المجالات الحيوية وتكبدت خسائر هائلة من أجل بناء برنامجها النووي المتطور.

ثانياً – العرض الذي تتفاوض الدول الست في شأنه مع إيران يقلص قدراتها النووية الى حد كبير إذ انه ينص على تغيير طبيعة وتركيبة منشآت نووية عدة ولن يسمح للإيرانيين بامتلاك أعداد كبيرة من أجهزة الطرد المركزي وأي كمية من الاورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة وأجهزة تجعلهم قادرين على تحويل برنامجهم النووي خلال أشهر قليلة برنامجاً عسكرياً ينتج القنبلة النووية. كما ان المطلوب من الإيرانيين تقديم تعهدات والتزامات رسمية خطية وتنفيذ إجراءات محددة من أجل ضمان أن يكون برنامجهم سلمياً، وعلى أساس أن يتحقق ذلك في ظل الرقابة الدولية المشددة والمنتظمة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على كل منشآتهم ونشاطاتهم.

ثالثاً – ترفض الدول الست تجزئة مشروع الإتفاق النهائي مع إيران بل انها تتمسك بموقف موحد ينص على الآتي: “لن توقع الدول الست أي إتفاق نهائي شامل مع إيران قبل إيجاد حلول مقبولة لدى الأطراف لكل القضايا الصعبة المهمة العالقة”. واستناداً الى مسؤول أميركي مطلع “فإن الدول الست لم تتفق مع إيران حتى الآن على أي من القضايا الأساسية بشكل نهائي ودقيق وكامل ومفصل مما يعكس صعوبة وتعقيد إنجاز نص الإتفاق النهائي المنشود”.

رابعاً – تريد أميركا والدول الأخرى في مجموعة الست حرمان القيادة الإيرانية تحقيق نصر سريع وملموس وهو إلغاء العقوبات الدولية – الغربية فوراً وفي شكل كامل في حال تذليل كل العقبات وتوقيع الإتفاق النهائي، بل ان مجموعة الست أبلغت الإيرانيين رسمياً ان العقوبات سترفع تدريجاً وعلى مراحل في عملية قد تستغرق سنوات من أجل ضمان تنفيذ كل بنود الإتفاق والمطالب والإجراءات المحددة والتأكد فعلاً من ان طهران لن تسعى الى امتلاك السلاح النووي. وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة الى القيادة الإيرانية.

خامساً – المطلوب من إيران، في النهاية، الخضوع لشروط مجموعة الست والإكتفاء ببرنامج نووي متطور للأغراض السلمية والتخلي تالياً عن مشروع إنتاج السلاح النووي الذي يعزز، في حال إنجازه، الدور الإيراني الإقليمي ويشكل حماية قوية لسياسات إيران وأعمالها وخططها في المنطقة.

وذكر المسؤول الدولي ان “الوفد الإيراني في المفاوضات إقترح حلولاً وسطاً لعدد من القضايا المهمة العالقة، لكن الدول الست رفضتها. وفي حال رفض إيران الخضوع للشروط الدولية وتوقيع الإتفاق النهائي على أساسها، فستظل خاضعة للعقوبات الدولية القاسية وستتضاعف معاناة الإيرانيين ويصاب الرئيس حسن روحاني وفريقه بنكسة داخلية كبيرة تؤدي الى اتساع نفوذ المتشددين والى تدهور العلاقات الإيرانية – الغربية في ساحات ومجالات عدة. وستؤدي هذه التطورات السلبية الى تزايد إحتمالات حصول مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران أو بين أميركا وإسرائيل وإيران”. وخلص المسؤول الدولي الى القول: “توقيع الإتفاق النووي النهائي بين إيران والدول الست ثمنه باهظ وعدم التوقيع ثمنه باهظ أيضاً”.