IMLebanon

إيران تلعب بنيران الحرب

 

 

العبث الإيراني بأمن الخليج العربي تجاوز حدود المناورات المتذاكية، إلى محاولات جر المنطقة بأسرها إلى مواجهة حربية، رغم كل ما تحمله مثل هذه الحرب من مخاطر وتداعيات مدمرة على إيران نفسها أولاً.

 

لم يعد ثمة مجال للتلطي الإيراني بالحوثيين، تارة، وبغيرهم من الميليشيات تارات أخرى، لأن غارة الطائرات المسيّرة على مجمع بقيق النفطي في السعودية، هي عمل عسكري إحترافي، يتجاوز قدرات الميليشيات التجهيزية والتدريبية والتقنية واللوجستية، وتؤكد من جديد الإصرار الإيراني على الإبقاء على أجواء التوتر والعداء مع دول الجوار.

 

العدوان الإيراني على مجمع أرامكو، ليس إعتداء على السعودية وحدها، بقدر ما هو إعتداء وتحد سافر ضد المجتمع الدولي، من أميركا وأوروبا إلى الصين، المستفيد من الإمدادات النفطية السعودية التي تُصدّر بمعظمها من المجمعين المستهدفين بعشر طائرات مسيّرة إيرانية، تردد أنها إنطلقت من الأراضي العراقية!

 

والرد على مثل هذه التصرفات غير المسؤولة تبقى مسؤولية دولية بالدرجة الأولى، لأن الغارة الإيرانية تهديد سافر للأمن والسلام العالميين، فضلاً عن إرتداداتها السلبية على الإقتصاد العالمي، سواء من حيث إرتفاع أسعار النفط، أو التأثر المباشر لاقتصاديات الدول التي تعتمد النفط السعودي في صناعاتها وحاجياتها اليومية.

 

أصبح واضحاً أن الإختلاف الأميركي  الأوروبي في التعامل مع ملف العقوبات ومتفرعاته، أفسح مجال المناورة أمام إيران التي يبدو أنها تراهن على هذا التباين الأميركي  – الأوروبي، إلى جانب الإعتبارات التي تقيد حركة الحلفاء الغربيين في مياه الخليج، وفي مقدمتها دخول الرئيس الأميركي ترامب في دوامة الإنتخابات الرئاسية، والتي تتعطل خلالها ماكينة إتخاذ القرارات الكبيرة، إلى جانب الإرباكات المهيمنة على الحكومة البريطانية بسبب ملف الخروج من «البريكست»، والمشاكل الإقتصادية التي تحيط بحكومة المستشارة الألمانية ميركل عشية الإنتخابات النيابية.

 

غير أن إستمرار التردد الغربي في التعامل مع التصرفات الإيرانية، من شأنه أن يشجع طهران على الذهاب بعيداً في تحدي القرارات الدولية، وقواعد سياسة حسن الجوار مع الدول العربية، والإمعان في زلزلة أمن المجتمعات العربية والأجنبية.

 

لسنا من دعاة الحرب على إيران، ولكن لا بد من خطوات تضع حداً للمغامرات الإيرانية، وما تمارسه من إعتداءات تهدد الإمدادات النفطية وسلامة الملاحة في منطقة الخليج العربي، سواء عبر الإعتداءات المتكررة على المنشآت النفطية السعودية، بإسم الميليشيات الحوثية، أو من خلال مصادرة الناقلات النفطية العابرة في مياه الخليج، وذلك رغم وجود كل هذا الحشد العسكري البحري الأميركي – الأوروبي في المنطقة.

 

ويبدو أن الحديث عن لقاء محتمل بين الرئيسين الأميركي والإيراني في إطار المساعي الديبلوماسية التي تبذلها فرنسا واليابان للخروج من الأزمة الراهنة مع إيران، قد شجع بعض أطراف السلطة في طهران على مثل هذه الإستفزازات، بحجة العمل على تحسين شروط التفاوض مع ترامب، ولو من باب تعريض أمن الإمدادات النفطية للخطر، دون التحسب للمضاعفات المتوقعة على مصير اللقاء الرئاسي، أو على صعيد تشديد العقوبات.

 

بيانات الإدانة والإستنكار لم تعد تكفي لردع طهران عن المضي في سياسة حافة الحرب، لأن النيران في حال إشتعالها سيصيب أوارها الجميع، ليس في المنطقة وحسب، بل وفي العالم كله!