Site icon IMLebanon

لبنان مقابل اليمن

 

 

يمتلك الساسة اللبنانيون موهبة استيلاد سلاسل من الأزمات المتوالية، وستشعل عودة الرئيس سعد الحريري إلى البلاد عاصفة من الكذب والادّعاءات واللعب بالمجتمع الدولي، ولن تكون عاصفة التكاذب الأولى إلا أنّها قد تكون الأخيرة خصوصاً أنّ نهاية تمسّك الرّئيس نبيه بري بالرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة ستنتهي بالفشل، لأنّ العهد والتفافه على الدّستور وتعنّت جبران باسيل فضحا لبنان الذي يعيش في الوقت الضائع منذ العام 1958 وكان بعد فتيّاً، كان واضحاً لمن يرى أنّ لبنان يعيش بالإكراه ولا يزال، وحان الوقت لإعلان موت هذه الصيغة التي قادتنا إلى احتلال إيراني مبطن يترقّب أن ينقضّ كأفعى ضخمة على العنق اللبناني الرقيق!!

 

ولبنان الذّاهب باتّجاه الفوضى لتعبئة الفراغ السياسي، ونُذُر الانزلاق إلى فوضى شديدة تلوح في الأفق اللبناني توحي أنّ لبنان على وشك الانهيار والحرب قد تكون حاجة لإعادة خلط الأوراق، فيما لبنان فاقد الحيلة عاجز ومقيّد اليدين ومختطف على يد إيران، ومن المؤسف أن التعاطي الدولي مع لبنان لم يتغيّر ثلاثيّة لقاء الخارجيّات الأميركيّة والفرنسية والسعوديّة يعيد اللبنانيّين بالذّاكرة إلى أيّام الحرب في سبعينات القرن الماضي ولا تزال مستمرّة إلى اليوم، ومن المؤسف أنّ التخطيط الإيراني للاستيلاء على لبنان بتؤدة لم يدفع العرب للتفكير في أهميّة لبنان وأنّه كان “حجر الزاوية” في المخطط الإيراني للتغلغل في المنطقة!!

 

وفي وقت تدير فيه دولة عربية بحجم المملكة العربية السعوديّة ظهرها للبنان واللبنانيّين، من المفارقات أنّ إيران ـ من زمان ـ فكّرت بأهميّة لبنان لتمدّدها في كلّ المنطقة من بوّابة لبنان الذي غالباً صنّفه العرب دولة “ترفيهيّة” ليس إلا، فيما وبحسب حجة الإسلام فخر روحاني – سفير إيران في لبنان – في مقابلة أجرتـها معه صحيفة “اطلاعات” الإيرانية في نـهاية الشهر الأول من عام 1984، يقول روحاني عن لبنان: “لبنان يشبه الآن إيران عام 1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون”، ما بُعْد النّظر الإيراني هذا؟!

 

من الصّعب اليوم التصّديق أنّ أميركا بمفاوضاتها المستمرّة مع إيران مجدّداً ستستطيع لجم إيران أو حتّى أن تملك القدرة على لجمها أو سيغيّر ذرّة في سياساتها للمنطقة حتى لو قايضت المملكة العربيّة السعودية هدوء جبهة اليمن برأس لبنان وتسليمه لحزب الله، وستكون السعوديّة مخطئة جداً لأنّ المخطط الإيراني يصل إلى الحرمين الشريفيْن مكّة والمدينة، مما يؤجّل مخطّط إيران وتوقيته لا أكثر!! أما العقوبات فهذا طريق طويل ومملّ وسبق واستغرق عقوداً مع دول كثيرة من كوريا الشماليّة وحتى إيران ما زالت قائمة فيما المنطقة تلفظ أنفاسها!

 

مغامرة إيران في المنطقة لا أحد يعرف كيف ستنتهي، صحيح أنّ الثّمن سيكون غالياً جدّاً على دول كثيرة، ولكنّ الثّمن الأكبر سيدفعه لبنان بكلّ تأكيد لأنّ العرب لم يفكّروا فيه يوماً مثلما فكّرت إيران، لطالما اعتبر العرب أنّ لبنان حظيرة سياحيّة ليس أكثر، ولطالما منّوا على لبنان بأنّهم يساعدونه وإذا غضبوا عليه قطعوا مساعداتهم ومنعوا قدوم رعاياهم إليه!