لا ريب أن ورقة «داعش» كانت من الأوراق الحاسمة في إبرام الصفقة الغريبة مع الشيطان الأميركي ومحور الشر الإيراني. والوصف ليس منا، بل هو من الأدبيات المتبادلة بين واشنطن وطهران، سابقا.
إيران قدمت نفسها للغرب الساذج، المحبط من «داعش»، وأميركا الأوبامية ذات الغرام الفارسي الجديد، بوصفها المسيح المخلص من وحش «داعش»، وقدمت معمودية الدم في بطائح العراق وسهوله وجباله، عبر «بطل» إيران الأسطوري، قاسم سليماني، وتلاميذه في الحكومة الشيعية الدعوية في بغداد، هادي العامري وأبي مهدي المهندس.
في زيارته الأخيرة للكويت، من أجل توزيع الابتسامات والتطمينات الخادعة، دعا وزير خارجية الجمهورية الإيرانية الثورية، محمد جواد ظريف، «لجبهة موحدة في الشرق الأوسط، ضد المتشددين». المقصود هنا «داعش» وكل الجماعات السنية التي تقاتل إيران، وأتباعها، حتى من غير شياطين «داعش» و«النصرة».
ظريف قال من الكويت: «إيران تقف إلى جانب شعوب المنطقة في قتالها ضد تهديد التطرف والإرهاب والطائفية». ومثله قال نائبه أمير عبد اللهيان، لوكالة الأنباء الإيرانية، إن هدف إيران هو التعاون مع الجيران «حتى يعود الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط». نعم، هكذا قالها بكل ثقة. إدارة أوباما تصدق هذه الوعود، أو لا تبالي بفحصها، المهم عندهم أن يمضي اتفاق فيينا، وأن تعود إيران للتأثير في المنطقة، هذه فكرة تتخلل مسام باراك أوباما، بشكل صوفي غامض.
في حواره مع جريدة «الشرق الأوسط» قال وزير خارجية أوباما السيد جون كيري حين سألته الزميلة مينا العريبي عن أن تعاون أميركا مع إيران في العراق بحجة مكافحة «داعش» سيكون سببًا لتخوف الدول العربية من استغلال إيران لهذه الورقة حتى تزيد من دعمها للميليشيات الشيعية التابعة لها: «أعتقد أن أي طرف يقتل (داعش) يساعد».
الحق أن سياسات إيران الحقيقية، وليس ابتسامات ظريف وتطمينات عبد اللهيان، هي سبب رئيسي لازدهار «داعش» وكل جماعات التطرف السنية، وجود سليماني وفكرة تصدير الثورة، نصرة «المستضعفين» حسب القاموس الخميني، عنجهية حزب الله في لبنان، فجور بشار الأسد في سوريا، كل هذا يتم بقيادة ودعم من طهران، هو ما يمنح الأكسجين لأمثال «داعش».
هي علاقة عضوية سببية، مثل الصوت والصدى، كما أن إيران أصلاً سبق لها التعاون الشرير مع «القاعدة» نفسها، لأغراض تخريبية في المنطقة، والكلام في هذا معروف.
لماذا نذهب إلى التاريخ؟ هذا خبر حديث، أثناء كلام ظريف اللطيف في الكويت، عن تحالف في المنطقة لدعم الاستقرار ومحاربة الإرهاب.
الخبر من البحرين، حيث أحبطت السلطات البحرينية مؤامرة لتهريب أسلحة نفّذها اثنان من البحرينيين على صلة بإيران. واستدعت السلطات البحرينية سفير إيران لديها احتجاجًا، ليعلق حسن قشقوي نائب وزير الخارجية الإيراني بكل صفاقة قائلاً إن البحرين تختلف مع الدعم الإيراني «للمقهورين في بلادهم». وأضاف: «ومع ذلك سنواصل ذلك».
مرحبًا بالتعاون مع إيران، ومرحبًا بثقة أوباما الساطعة.