مرّ الخبر الذي نشرته صحيفة القدس العربي قبل يومين مرور الكرام، برغم الخزيْ والمهانة التي يحملها للمرأة العربيّة عموماً، وللمرأة العراقيّة خصوصاً عبر تحويلها إلى سلعة «تنفيس» للجنس المكبوت و»تشريع» الدّعارة تحت عنوان «شرعي» هو «زواج المتعة»، وهو زنى موصوف ضرب الطائفة الشيعيّة في كلّ العالم العربي منذ مجيء الخميني إلى إيران، وفتح باب «المتعة» للسيطرة على عقول الشباب والفتيات من سنٍّ مبكرة، وتسخيرهم لأغراض مشينة بتحريك غرائزهم للاستيلاء عليها وعلى عقولهم!!
لطالما سمعتُ في سبعينات القرن الماضي في محيط العائلات البيروتيّة مأخذاً كبيراً على «الشيعة» يبلغ حدّ النقيصة، إلى أن شهدتُ على واقعة «دعوة إلى المتعة» تركتني مذهولة، كنتُ في الثامنة عشرة من عمري، وكانت حرب الجبل قد اندلعت في أيلول العام 1983، وقبل دخول شتاء ذاك العام كانت بيروت وملاجئها قد امتلأت بمهجري الجبل من قرى الشوف وإقليم الخروب وقريتيْ القماطيّة وكيفون، وفي ليلة من ليالي قصف المدمرة الأميركيّة نيو جيرسي الذي بدأ في 14 كانون الأول، كُنّا محشورين في ملجأ المبنى عند جدتي أكثر من ثلاثمائة شخصٍ وهو عدد فوق طاقة استيعاب المكان، وجدتُ والدتي تنهرُ رجلاً وتدعوه لاحترام الناس والأطفال والموت والحياة والعائلات المتكدّسة فوق بعضها بحيث لم يبقَ شبرٌ لموطىء قدم، أذكر ملامحه وثيابه الرثّه ومسبحته الصفراء وخاتمه الفضة وشيب رأسه ولحيته، كان الرّجل يدعو امرأة أرملة إلى «المتعة» في ملجأ يكتظّ بمئات الهاربين من القصف المجنون… لم أستطع أن أتجاوز الذهول في تلك اللحظة تحت وطأة السؤال: أين؟ وكيف؟ وأي كائن بشريّ هذا الذي أمام الرّعب وصراخ الأطفال لا يُفكّر إلا بـ»المتعة»!!
»يا ناس يا هوووو» افتتحت إيران في بغداد فرعاً لمؤسسة لها في العراق لزواج المتعة المؤقت عن طريق مؤسسة تحمل مسمّى «مؤسسة طريق الإيمان الخيريّة» للشيخ صادق الموسوي، ويقع مقرّ المؤسسة مقابل جامعة بغداد، بكلّ ما يعنيه المكان من رغبة إيرانيّة عارمة في تحويل طلاب العلم في بغداد إلى مجموعة من «المتعهرين» وبالفتوى الشرعيّة!! وتشير المعلومات المنشورة بأنّ لدى هذه المؤسسة قوائم بأسماء النساء الراغبات بزواج المتعة في كل المحافظات العراقية ما عدا إقليم كردستان، وأنّها تقوم بتزويد الرجال الراغبين بأسمائهن لاختيار المناسب لهم، وأنّ المؤسسة دعت بحسب موقعها على شبكة التواصل الإجتماعي النساء الراغبات في زواج المتعة من جميع المحافظات، لزيارة مكتبها في بغداد لغرض تسجيل الأسماء بسرية تامة، ويتوفر للمؤسسة ستة عشر فندقا موزعة على المحافظات العراقيّة تابعة للجمعيّة يمكن فيها ممارسة هذه «الدّعارة الشرعيّة» وحسب المدة المطلوبة!!
ونقلت الصحيفة عن طالب جامعي عراقي، أن الجمعية تفرض مبالغ مقابل هذا الزواج، حيث يدفع الرجل للجمعية عمولة عبارة عن كارت موبايل فئة 10 آلاف دينار، ويدفع للمرأة التي يختارها 25 ألف دينار (حوالى 20 دولارا) عن كل يوم. ويوجد في الجمعية رجال دين ينظمون عقود زواج المتعة ومدته ورأس هؤلاء الكتبة صادق الموسوي!!
في 25 كانون الثاني 2012 نشرنا في هذا الهامش مقالاً حمل عنوان «المتعة الإيرانيّة»، وفي ذاك المقال نشرنا نصّ إعلان يحمل زوراً وبهتاناً في «ترويسته» حديث نبويّ شريف «النكاح سنتي»، و»الزواج» سُنّة نبينا صلوات الله عليه، لكن «المتعة» على الطريقة الإيرانيّة «دعارة» شرعيّة ولها تسعيرةٌ أيضاً، وفي نصّ الإعلان:
»مؤسسة آستان قدس رضوي (محافظة مشهد مدينة الرضا) تعلن عن نيتها تأسيس مركز للصيغة للأوقات القصيرة قرب مرقد إمام الرضا عليه السلام[!!] من اجل رفع الأجواء المعنوية في المجتمع ومن اجل إيجاد أجواء روحانية وهادئة للإخوة الزوار الذين يزورون حرم الإمام الثامن وهم بعيدين عن زوجاتهم. لهذا تطلب المؤسسة من جميع الأخوات المؤمنات الباكرات اللاتي لم يتجاوز أعمارهن الــ12 حتى 35 عاما، تدعوهن للمساعدة والانخراط في هذا العمل. مدة العقد للراغبات في هذا العمل عامين والذي يلزم المتقاعدات مع مؤسسة الرضوي من خلال تعهدهن التمتع 25 يوما في كل شهر.
ومدة العقد يحسب كجزء من صيغة الاشتغال، والفترة الزمنية لكل صيغة تتراوح بين الــ5 ساعات حتى 10 أيام مع كل رجل. المبلغ المرسوم لكل صيغة في الشرح التالي: المتعة 5 ساعات = 50 ألف تومان [50 دولاراً] المتعة يوم واحد = 75 ألف تومان [75 دولاراً]، المتعة يومين = 100 ألف تومان [100 دولار] المتعة ثلاثة أيام = 150 ألف تومان [150 دولاراً]، المتعة من أربعة أيام حتى 10 أيام = 300 ألف تومان [300 دولار]. والأخوات الباكرات اللواتي يتمتعن لأول مرة سوف يقدم لهن مبلغ يساوي 150 ألف تومان [150 دولاراً] من اجل إزالة البكارة»!!
إيران تحوّل العراق إلى كراخانه «Karahane» وهي في الأصل كلمة تركية معناها الحرفي (المحل الأسود) أو (السوق السوداء) وفيه إشارة للبيع المحرّم، وكان الأتراك يستخدمون هذا اللفظ لتعريف بيوت الدعارة في عهد الدولة العثمانية في كافة الولايات التابعة لها ومنها مصر حيث تعني الكلمة أيضاً «منزل الكار»… أيها العراق.. يا للعار!!