IMLebanon

إيران تدفع بـ«حزب الله» الى المواجهة.. وتقبض الأثمان

بعد الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الست، لم تعد الاولى بحاجة الى التدخل في شؤون الدول العربية بشكل مباشر خشية اهتزاز صورتها امام المجتمع الدولي الذي يبدو انه بدأ ينصاع لرغبات الولايات المتحدة الاميركية بالسماح لإيران بتطوير برنامجها النووي، ولذلك فإن الاتكال من الآن وصاعدا في تخريب اوضاع المنطقة وسوقها نحو الأسوأ والمجهول، سيوكل الى «حزب الله» الذراع الإيرانية في المنطقة.

يُجمع عدد كبير من اللبنانيين على ان «حزب الله» اداة إيرانية ينساق في مغامراته لرغبات و»نزوات» راعيته في السياسة والعسكر، مرّة تستعمله في جنوب لبنان ومرّة اخرى في دعم فئة فلسطينية مُحدّدة على حساب القضيّة، ومرّات في البحرين والعراق وسوريا، واليوم في اليمن حيث يخوض الحزب بالنيابة عنها اشرس معاركه السياسية والمذهبية ضد دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

لم تكن يوماً السعودية مركزا لتصدير الثورات في المنطقة ولا نقطة اجتذاب مذهبي يمنح دولاً أو جماعات حق التفوّق على شركائهم في الوطن او جيرانهم من الدول، بل كانت على الدوام نقطة التقاء تجمع الخصوم على عناوين توافقية تماما كما تعاطت مع القضيّة اللبنانيّة يوم أنهت الاقتتال بين اللبنانيين وكرّست أمنهم بالدرجة الأولى من خلال إتفاق الطائف الذي اصبح بمثابة دستور يلجأ اليه المختلفون في القضايا الأساسية والمصيرية.

العلامة السيد محمد علي الحسيني الأمين العام لـ»المجلس الإسلامي العربي» يعتبر في حديث الى «المستقبل» أنّ «تدخّل حزب الله في اليمن وقبله في البحرين والعراق وسوريا سببه واحد وهو انه يُشكّل قوة عسكرية ضاربة تعمل لمصلحة إيران. وكلما احتاجت طهران للتدخل بصورة غير مباشرة في إحدى الدول العربية تستدعي الحزب للقيام بهذه المهمة، والملاحظ أن إيران لا تُرسل حرسها الثوري أو قوّات أخرى للقتال في هذه الدول، كي لا تقع في الاحراج الاقليمي والدولي وكي لا تُتّهم رسميّاً بانها تتدخل، لذلك تستخدم حزب الله لتحقيق اهدافها من دون ان تتبنّى ذلك رسميا، واذا نجح الحزب في مهمّته فإن المسؤولين الإيرانيين هم الذين يفاوضون لتقاضي الثمن.»

ويضيف: «هذه اللعبة مكشوفة في الاوساط الدولية كافة، ولكن طهران تنجح بواسطتها في تمرير ما تريده لأن النفاق هو السائد في السياسات الدولية. وعلى سبيل المثال يعرف المجتمع الدولي أن حزب الله يُقاتل بشكل علني في العراق وسوريا لمصلحة إيران، ولكن الدول المعنيّة مثل الولايات المتحدة تتجاهل ذلك وتتفاوض مع طهران بما خص هذين البلدين». وعن هجوم الحزب على السعوديّة يُشير الحسيني إلى أنه «من الطبيعي أن يهاجم السعودية ودول الخليج كامتداد لدوره القتالي في الدول العربيّة التي تشهد ازمات. وهنا ايضا ينطق الحزب باسم الولي الفقيه ونيابة عنه، فيما لا تستطيع إيران الدولة ان تقوله علنا، لانه مُناف لقواعد التعامل الديبلوماسي بين الدول.»

وبرأي الحسيني أن «حزب الله يُمارس هذا الدور على أكمل وجه مُستخدما لغة التحريض الطائفي والمذهبي، لأن الدول التي يُهاجمها تضم في مكونات شعوبها مواطنين شيعة. لذلك يعتبر الحزب أن من حقّه التوجه لهؤلاء وتحريضهم على دولهم وحكّامهم بموجب ولاية الفقيه، وهذا الامر خاطئ كليّاً لأن الشيعة العرب لم يكونوا في أي مرحلة من المراحل ولن يكونوا في أي يوم من الايام، وسيلة تستخدمها إيران واتباعها، فهؤلاء الشيعة هم مواطنون عرب يتبعون مرجعياتهم السياسية والدينية العربية داخل بلادهم« .

ويلفت إلى أن «المصلحة التي تربط حزب الله بإيران هي مصلحة مادية بالدرجة الاولى، فرغم المزاعم عن إتباع ولاية الفقيه والانصياع لأوامره لاسباب دينية عقائدية، فان الرابط الاساسي في هذه العلاقة مالي ومصلحي. والمعروف انه لولا المال الإيراني الذي يتدفّق بمئات ملايين الدولارات سنويّاً على حزب الله لما استطاع أن يستمر. وصحيح أن الحزب بدأ كحالة مقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي في الثمانينات، لكنه كان واحداً من احزاب وحركات كثيرة قاومت ذلك الاحتلال». ويُشير إلى أن «المصالح التي تربط حزب الله بالقوى التي يدعمها في الدول العربية مماثلة لما يربطه بإيران، والاسباب المالية بالدرجة الاولى إضافة إلى تحريض بعض القوى للتحرك ضد انظمة الحكم داخل بلدانها.»

بدوره، يسأل رئيس تجمّع أبناء بعلبك غالب ياغي عن «الغاية والهدف من الهجوم المستمر على السعودية ودول الخليج خصوصا في وقت نحن أحوج ما تكون فيه الى الوحدة والتضامن«. ويضيف لـ»المستقبل»: «هل الهجوم سببه فتح ابواب المملكة ابوابها خلال الحرب اللبنانية وبعدها امام جميع اللبنانيين من دون أي تفرقة، أم انه بسبب انهائها الحرب اللبنانيّة ومساهمتها الكبيرة في إعادة اعمار لبنان خصوصا الجنوب بعد العام 2006؟».

ويرى ياغي أن الانتصار للحوثيين في اليمن لا يُبرّر إطلاق المواقف المُتشنّجة من قبل قيادات إيرانية ومن حزب الله، فإذا كانوا حقّاً يُريدون الدفاع عن أطفال اليمن ونسائه، فكيف لا ينتصرون لأطفال سوريا ونسائها، لا بل يزيدون في قتلهم وتشريدهم»، ويُشدد على ان دعم الطُغاة في العالم، لا يُبرّر التضحيّة بشعوبنا وبأمننا وأماننا. وهنا يستحضرني قول للشاعر القروي رشيد سليم الخوري إذ يقول: حدّث فانك صادق يا طُرّسُ ما اللامس الرائي كمن يتلمّس، قل يا غريب الدار عنّا ما ترى حقا فإن الحق لا يتجنّسُ«.

ويتابع: «الفكر الشيعي قام على تحرير العقل عندما ترك باب الاجتهاد مفتوحا، بينما التشيّع الصفوي حجّم دور العقل وألغاه تماما كما الغى فرادة الناس عندما تكلّم عن التكليف الشرعي وولاية الفقيه. إن طموحات الإيرانيين وأحلامهم بعودة امبراطوريّتهم، لا يجب ان تعمي البصيرة والبصر، ولذلك على الشيعة في لبنان وتحديدا حزب الله ألا يكونوا وقوداً لطموحات الفرس واحلام حُكّامهم، لأن شيعة لبنان هم عرب قبل أن يكونوا مُسلمين«.