Site icon IMLebanon

إيران “تتأهّل” للعودة إلى المجموعة الدولية الملف السوري أولاً بعد الاتفاق النووي

في خضم مفاوضات ربع الساعة الاخير التي لا تزال تجري ممددة أياماً اضافية بين الدول الخمس الكبرى الاعضاء في مجلس الامن زائد المانيا مع طهران حول ملفها النووي، رمى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ما يمكن اعتباره “طعما” للولايات المتحدة تمثل في اعلانه ان الاتفاق الذي يفترض أو يتوقع التوصل اليه، فيما كان يشتد الكباش حول بعض البنود العالقة، سيكون نقطة انطلاق جديدة لتنسيق المواقف من اجل مواجهة التطرف في المنطقة. ومع ان تنسيقا مباشرا وغير مباشر حصل بين الجانبين الاميركي والايراني في العراق في اطار مواجهة تقدم تنظيم الدولة الاسلامية حيث عجزت ايران عن الاضطلاع بهذا الدور وحدها من دون مساعدة الاميركيين كون ايران داعمة للحشد الشعبي ذات الغالبية الشيعية في مواجهة الجماعات السنية، فان كلام ظريف الذي ارفق باستعداد بلاده من اجل” ابرام اتفاق جيد ومتوازن”، شكل مؤشرا الى جملة امور. من هذه الامور في شكل اساسي ابداء ايران استعدادها واعطائها اشارة الانطلاق لأن تكون أو تعود جزءا من المجموعة الدولية عبر اقتراح التنسيق في مواجهة الارهاب والتطرف في المنطقة اي انها ستكون عاملا ايجابيا فاعلا وذلك بالتزامن مع إخراج نفسها من تهم استمرار الوقوف في هذا الموقع (وكان لافتا غداة اعلان الموقف الايراني كشف الاردن احباط “مخطط ارهابي ايراني” كان سينفذه عراقي ينتمي الى فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قبل اشهر قليلة). كما شكّل مؤشرا الى ان المفاوض الايراني البارع يسعى الى اغراء الاميركيين بورقة تهمهم هي ورقة مواجهة التنظيمات الارهابية ربما في مقابل بعض التساهل أو الليونة ازاء ما يتم التفاوض في شأنه. كما تنسحب محاولة الاغراء بالنسبة الى ما يعبر عنه الموقف الايراني من استعدادات لوضع ملفات بعض ازمات المنطقة على طاولة البحث فور الانتهاء من وضع الاتفاق النووي على طريق التنفيذ، ما ترك انطباعات قوية بان الامور قد تكون ذاهبة الى فتح ملف الازمة السورية في الدرجة الاولى في وقت قريب بغض النظر عن احتمال الوصول الى حل ام لا في هذا الشأن انطلاقا من اراء متضاربة لعواصم عدة في هذا الموضوع. والوعد الايراني في هذا المجال هو بمثابة ربط نزاع، اذا صح التعبير، ما لم يكن الموضوع السوري قد بات فعلا على طاولة البحث على هامش مفاوضات النووي على رغم تأكيدات ديبلوماسية عدة تنفي ربط اي موضوع بالنووي الايراني. لكن اعلان ايران استعدادها في هذا الاطار يعني ان الفترة المقبلة ستشهد فتح نقاش حول قضايا كانت رفضت البحث فيها علنا في السابق ومن بينها الية مواجهة تنظيم داعش وبقية الجماعات الارهابية. وهو ما يفترض ضمنا الى جانب بدء النقاش ان تتعاون ايران مع دول المنطقة من اجل مواجهة التنظيمات الارهابية انطلاقا من ان التنسيق مع الولايات المتحدة يضمر التنسيق والتعاون مع دول المنطقة لأن اي مواجهة من دون هذه الدول المعنية لن تكون فاعلة أو ناجحة. والتجربة في العراق اكبر برهان. لكن هل هي وطأة المفاوضات فحسب أو ما هو أبعد من ذلك؟

يولي مهتمون ومتابعون للوضع السوري اهتماما لحصول متغيرات ايرانية تبعا لتراجع النظام السوري الذي لا تزال تدعمه ايران بكل الوسائل، في مناطق استراتيجية حيوية شكلت ضربة قاصمة له لجهة تثبيت حال الضعف التي اصبح عليها وحسم اتجاه الامور الى نقطة اللاعودة اي احتمال تقسيم سوريا على اي احتمال آخر. هذه المتغيرات الايرانية سجلها عدم دخول ما وعد به قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني مطلع حزيران الماضي في سوريا اطار التنفيذ. اذ كان اعلن انه “سيفاجئ العالم بما نعد له نحن والقادة العسكريين السوريين حاليا خلال الايام المقبلة”. كما ذهبت وعود اخرى اطلقها في الاطار نفسه رئيس مركز الابحاث الاستراتيجية في مجمع تشخيص النظام علي اكبر ولايتي قبل اسبوعين أيضاً ادراج الرياح، اذ اعلن ان “الاسبوع المقبل سيشهد تطورا مهما في العلاقات الاقليمية بين ايران وسوريا والعراق”. ومع ان هذا لن يعني في اي حال تراجعا ايرانيا في دعم الرئيس السوري الذي قال ولايتي قبل ايام” ان المرشد علي خامنئي امرنا بالابقاء على الاسد ومنع سقوطه”، ما يعني عمليا تحوله ورقة كليا في يد ايران، فان ثمة ما يوحي بالتحضير لبحث جدي ولو ان الامال ليست مرتفعة بالنسبة الى كثر، نظراً الى ان الازمة السورية رهن اكثر من طرف اقليمي ودولي الى جانب القوى الداخلية.

وتفيد معلومات ديبلوماسية ان واشنطن وقفت اخيرا في شكل خاص ضد اي مبادرة تتصل بسوريا في ظل دينامية خاصة لاعضاء مجلس الامن تتصل بالتوافق على محاولة ايجاد صيغة لمنع استخدام السلاح الكيميائي والكلورين في موازاة استمرار المفاوضات مع ايران تجنبا لاي عراقيل أو عقبات تعيق ما يجري على خط الاتفاق النووي علما ان مبادرات واقتراحات اخرى حول المناطق المحاصرة والاعتداء على المدنيين هي أيضاً في نقطة الانتظار، فيما رحل تقرير الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دوميستورا الى 28 تموز الجاري حين يكون قد انجزت المفاوضات على الارجح على رغم العقبات التي لا تزال تشهدها