كل سياسي لبناني يزور عاصمة يختصر ما سمعه بالقول إن موقع لبنان في مرتبة متدنية جداً على سلّم الاهتمامات الخارجية. بعضهم يستغرب قلة اهتمام التركيبة السياسية بالوضع اللبناني ويدعوها الى معالجة ما يمكن من الأزمات والمشاكل تحت عنوان اللبننة. وبعضهم الآخر يجزم بأنه لا فائدة من أي تحرك داخلي، سواء لملء الشغور الرئاسي أو لتسوية أية أزمة، لأن قضايا لبنان مرتبطة بقضايا المنطقة، وعلينا انتظار التسويات الاقليمية وخصوصاً التسوية السياسية في سوريا. وهناك من يقول إن أي تسوية في لبنان ستبقى موقتة ومرحلية في انتظار أن ينتهي الصراع الجيوسياسي بطابعه المذهبي في المنطقة الى خارطة جديدة في حقبة ما بعد سايكس – بيكو الذي رسم صورة لبنان الكبير وبلدان المنطقة قبل مئة عام.
لكن قلة الاهتمام بلبنان ليست من المواصفات التي تنطبق على فرنسا وايران، وبالطبع على الفاتيكان الذي كان مع روما وباريس من المحطات في زيارة الرئيس حسن روحاني. فالكل يعرف أن رأسمال ايران في لبنان صار أكبر من رأسمال فرنسا. ولم يكن خارج الحسابات الواقعية تركيز باريس على الحوار مع طهران في موضوع الانتخابات الرئاسية منذ ظهرت العقبات أمام اجرائها قبل أكثر من عام. ولا كانت النتائج سوى القول ان هذا شأن داخلي لبناني لا نتدخّل فيه. وزير الخارجية محمد جواد ظريف قال لنظيره الفرنسي لوران فابيوس: إسأل الرئيس روحاني. ومن الصعب تصور روحاني يقول للرئيس فرنسوا هولاند أكثر من ان اللعبة بين اللبنانيين ومن الأفضل مراجعة السيد حسن نصرالله الذي قال مراراً لمن فاتحه بالموضوع: راجعوا العماد ميشال عون. والأصعب هو تصور القرار خارج دائرة المرشد الأعلى علي خامنئي.
ذلك ان رسالة روحاني في المحطات الأولى على الطريق الأوروبي المفتوح أمامه، كما الطريق الصيني والطريق الروسي، هي ان ايران جاهزة للاستثمار. والدعوة موجهة أيضاً الى رجال الأعمال الأميركيين، وسط قول روحاني ان مفتاح العلاقات الودية بين ايران وأميركا في واشنطن، ولو كان في طهران لاستخدمته. لكن استخدام المفتاح قرار في يد خامنئي. كذلك الأمر بالنسبة الى الأمور السياسية التي يوحي روحاني ان ايران جاهزة لها. إذ يقول ان الأميركيين يعرفون ان القضايا الاقليمية المهمة لا يمكن حلّها من دون الحضور الايراني والمساهمة الايرانية والرأي الايراني.
والسؤال، بعد التركيز على قوة الدور الاقليمي لايران، هو: الى أي حدّ تبدو طهران مستعدة للعب دورها مع القوى الاقليمية والدولية في تسهيل التسويات السياسية في سوريا والعراق واليمن ولبنان؟ –