IMLebanon

إيران ترفض أن يتأثر الحوار اللبناني بالتوتر مع السعودية

تقرير ديبلوماسي «حرق السفارة خطأ.. لكنّه لا يستدعي قطع العلاقات»

إيران ترفض أن يتأثر الحوار اللبناني بالتوتر مع السعودية

يقارب الإيرانيون القطيعة الديبلوماسية لبلدهم التي بدأتها السعودية والتعاضد الخليجي والعربي معها، سواء عبر تخفيض العلاقات الديبلوماسية أو قطعها.. أو استدعاء السفراء، بكثير من الهدوء.

وتقرأ أوساط الديبلوماسية الإيرانية الخطوات التصعيدية اليومية المعلنة ضد إيران، والتي ستبلغ ذروتها في اجتماعَي وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اليوم السبت وفي الاجتماع الوزاري العربي، وستشهد «انفعالا عاطفيا».

تعتبر إيران التي أثارت سخط السعودية بتعليقات قادتها على إعدام الشيخ نمر النمر، إحراق السفارة السعودية في طهران والاعتداء على قنصليتها في مشهد «خطأ.. لكنّه لا يستحق قطع العلاقات الدبلوماسية».

يعترف الإيرانيون عبر قنواتهم الديبلوماسية بأنهم لم يكونوا مسرورين البتّة لمشاهدة أعمال الشغب التي طاولت البعثات الديبلوماسية السعودية ولم يكونوا يتوقعونها، وينفون نفيا قاطعا أن تكون هذه الأعمال مدبّرة من قبل الحكومة أو بضوء أخضر رسميا. يعلنون أن إيران تلتزم حماية البعثات الديبلوماسية، إلا أن بعض المتظاهرين، الساخطين على اعدام الشيخ النمر، كسروا المحظورات وصعب على الشرطة المولجة حماية مقرّ السفارة ضبطهم نظرا لأعدادهم الهائلة، فتم إحراق السفارة الذي أدانه المسؤولون الإيرانيون واعتقلت السلطات الإيرانية المختصة 50 شخصا يتم التحقيق معهم على خلفية الاعتداء. يضع الإيرانيون ما حدث في خانة «الخطأ الذي ما كان يجب أن يحصل»، مشيرين إلى الحدث الذي أدى إليه، ألا وهو إعدام الشيخ النّمر. وذكر الإيرانيون بكلام قاله المرشد الأعلى لإيران وفيه أنّ أي تعدّ على السفارات والبعثات الديبلوماسية أمر مرفوض.

بالرّغم من الاعتراف بالخطأ في الأمم المتحدة، فإن الإيرانيين لا يرون في هذا الخطأ سببا موجبا لقطع العلاقات الديبلوماسية «لأنه إجراء لا يتناسب مع حجم الذي حدث، وقد تحمّلت الحكومة الإيرانية مسؤوليته علانيّة، ولم تتلكأ عن الجهر بذلك وباعتقال المخلين وتحويلهم الى التحقيق فالمحاكمة، ما يعني أن هذا العمل الخاطئ لا يمثل الأمة الإيرانية».

إلا أن الإيرانيين لا يرون أساسا في الكلام السعودي عن «تدخّل في الشؤون الداخلية للمملكة عبر تعلقيات وتهديدات بسبب حكم قضائي بإعدام 47 شخصا متهمين بالإرهاب وبأعمال مخلّة بالأمن»، ثمّ «تدخّل إيران في شؤون الدول الخليجية والعربية من غير وجه حق»، لا سيما في اليمن والبحرين وسوريا والعراق ولبنان، «سوء فهم».

فالشيخ النمر، من وجهة نظر إيران، لم يقم بأيّ عمل عنفي، وتعليق إيران جاء ضمن سلّة تصريحات مستنكرة بدءا من أمين عام الأمم المتّحدة بان كي مون وصولا الى الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية عدة ومنظمات دولية وحقوقية، حتى أن ثمة أصواتا لبنانية بعثت برسائل الى المسؤولين السعوديين لمنع الإعدام عن الشيخ النمر، بحسب الأوساط الإيرانية. وبالتالي فإن إيران هي ضمن المجموعة الدولية التي اعترضت، وهي ترى بأنه كان يترتب على السعودية أن تفكّر مليّا بتداعيات هذا الإعدام على المنطقة من حيث تأجيجه للصراعات المذهبية وأيضا على الداخل السعودي.

«حزب الله» مستقل

ويرفض الإيرانيون تهمة التدخّل في الشؤون الخليجية والعربية معتبرين الأمر نوعا من الشراكة الضرورية مع الجيران الذين تجهد إيران لإرساء علاقات حسن جوار معهم، كما مع جميع الدول باستثناء النظام الصهيوني.

ويرى الإيرانيون أن الخليج بدوره يجب أن ينظر لإيران كشريك في حل المشاكل الإقليمية، وفي طليعتها الإرهاب.

وتفنيدا للاتهامات، يرى الإيرانيون بأنّ لا جيش لديهم في اليمن يحارب اليمنيين ويقتل منهم المئات بل إن لهؤلاء جيشهم وأسلحتهم. بنظر إيران أن لا قدرة لليمنيين على تهديد أي نظام في المنطقة وإيران تطلب إيجاد حل سياسي للأزمة. أما في البحرين فقد عبّر الشعب البحريني عن احتجاجات للمطالبة بحقوقه من النظام الحاكم وتظاهر علانية، وليست إيران هي من بعثت «درع الجزيرة» لقمعهم، وجلّ ما فعلته إيران هو القول إنه يجب الإصغاء الى مطالب الشعب البحريني وهذا ما فعلته دول عدة منها الولايات المتحدة الأميركية، فَلِمَ النقمةُ على إيران فحسب؟

وفي لبنان لا يرى الإيرانيون في «حزب الله» حزبا يأتمر بسياستهم «بل هو حزب لبناني مستقل ولديه قواسم ومواقف مشتركة في بعض القضايا مع إيران». ويتساءل الإيرانيون عن الخطأ الذي اقترفته إيران في لبنان. فهي دعمته ضدّ الإرهاب الصهيوني الذي يهدد المنطقة برمتها وقالت إنها مستعدة لتوفير مساعدات عسكرية للجيش اللبناني دون شروط مسبقة.

أما في سوريا فقد لبّت إيران طلب الحكومة السورية بإرسال خبراء ومستشارين عسكريين لمساعدتها في محاربة الإرهاب الذي تموّله بعض الدول في المنطقة. لا يرى الإيرانيون اي موجب لأن تتوقف المفاوضات حول سوريا أو أن تتأثر بشكل سلبي في جنيف، وثمة تعويل إيراني ودولي على ذلك فالأولوية هي لمحاربة الإرهاب ولإيجاد حلّ سياسي في الداخل السوري من دون أي فرض من الخارج.

وتستبعد الدوائر الإيرانية المختصة اي تأثير سلبي على الحوار في لبنان «لأن اللبنانيين يجب أن يكونوا واعين لمصالحهم الوطنية بعيدا من أية تأثيرات خارجية». فثمة مؤامرة من وجهة نظر الإيرانيين لزيادة التوترات في المنطقة بين السنّة والشيعة، والنظام الوحيد المستفيد من هذا التوتر هو النظام الصهيوني الذي يريد زرع الشقاق في الشرق الأوسط وبين الدول الإسلامية لكي يتفرغ لقضم حقوق الفلسطينيين.

ويؤكد الإيرانيون أن لا رغبة لطهران بتخفيض نشاطها من أجل دعم لبنان ولكي لا تحصل اية زعزعة للحوار الوطني، بل التشجيع على إتمام الاستحقاق الرئاسي. وينصح الإيرانيون اللبنانيين بأنه لا ينبغي عليهم الارتباط بأي توتّر ذي طابع ديني، بل التطلّع الى مصلحة بلدهم التي تتهددها الصهيونية من الجنوب والإرهاب من الشرق، والإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية لأنّه يجلب الاستقرار لبلدهم.