بعد العدوان الذي نفذته إسرائيل في القنيطرة على «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني الذي أسفر عن مقتل 6 من قياديي وكوادر «حزب الله»، و6 من قياديي وكوادر الحرس الثوري.
وبينما تهدد إيران بواسطة قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري بـ»عاصفة مدمرة» آتية على إسرائيل، تتجه الأنظار كلها مشدودة لمعرفة رد فعل الحزب.
في هذه العملية، كان الناس متعاطفين مع «حزب الله»، ومن حيث المبدأ يهمنا أيضاً الدفاع عن الجنوب وعن لبنان عموماً، ووجود الحزب في القنيطرة هو نقطة ضعف أولاً وموضوع خلاف جذري بين اللبنانيين حول تورّط «حزب الله» في الأحداث السورية.
ومن ناحية ثانية، وكأنّه لا يكفي إيران تورّطها في سوريا وإجبارها «حزب الله» على تورّط مماثل، بل هي تحاول توريط سوريا ولبنان في قرار الحرب مع إسرائيل، ومثل هذا القرار لا يمكن أن يكون إلاّ بالإجماع اللبناني مثله مثل قرار السلم.
في الوقت الذي كنا نعيش القلق وأجواء الحرب لحظة بلحظة، قامت إيران بالرد على إسرائيل باحتلال المجمع الرئاسي في صنعاء، إكمالاً للإنقلاب الذي بدأته من خلال الحوثيين في اليمن الذين توسعوا تدريجاً من مناطقهم على الحدود مع المملكة العربية السعودية امتداداً الى صنعاء وسيطرتهم عليها توصلاً الى بسط سيطرتهم على المقر الرئاسي.
ولا يمكن أن نسقط من حسابنا أنّ الحوثيين لولا الدعم المالي والعسكري واللوجستي الايراني لما كان في استطاعتهم أن يحققوا ما حققوه على الارض.
كذلك لا يمكن فصل ما يجري في اليمن عمّا يجري في لبنان.
والأهم المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول الملف النووي الإيراني خصوصاً الاجتماع الأخير في باريس بين جون كيري وزير الخارجية الاميركي ومحمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني والتشدد الاميركي حول شروط العقوبات التي يبدو أنّ إيران تعاني منها بشكل خطير.
وإيران تتوجّه الى المفاوضات من خطين: خط المعتدلين الذين يمثلهم الرئيس روحاني وخط المتشددين الذين يتقدمهم الحرس الثوري الذي هو وراء التصعيد.
نعود الى احتلال المقر الرئاسي في صنعاء من قِبَل الحوثيين تنفيذاً لإرادة طهران… يخطئ من يظن أنّ هذا يشكل تهديداً حقيقياً للمملكة العربية السعودية، لأسباب عدة:
1- اليمن من أصعب البلدان التي يتعذّر حكمها، وتاريخها يدل عليها، ولو عدنا بالذكرى الى تورّط الرئيس جمال عبدالناصر نتبيّـن أنّه خسر في اليمن نحو مليون جندي مصري ولم يحقق أي هدف.
2- الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانيه اليمن يجعل من المستحيل لأي فئة (الحوثيون أو سواهم) أن يحكموا البلد.
3- القضية في اليمن ليست قضية احتلال وتمدّد… إنما هي القدرة على المحافظة على المناطق والأماكن والمقرات التي تم احتلالها.
4- يشكل اليمن إزعاجاً للسعودية خصوصاً مع نظام كالحوثيين، ولكن هذا الإزعاج ينطبق عليه المثل مثل الذبابة على الاكل: تقلب المنافس ولكنها لا تلتهم الطعام.
أخيراً: ستندم إيران كثيراً على هذا التورّط في اليمن وستدرك عاجلاً أو آجلاً أنّ هذا التورّط هو أكبر غلطة ارتكبها النظام الايراني.