سؤال فرض نفسه: لماذا احتاج أمين عام حزب الله إلى إطلالة عبر شاشة سوريّة، في لحظة تقاطعت فيها هزيمة الحزب والنظام «الأدلبيّة»، واللكمتيْن اللتين ارتجّ لهما الوجه الإيراني، فلم يكد القفاز الأيمن يطيح بوجه إيران الحوثي في اليمن، حتى هوى قفاز المفاوضات على الوجه النووي الإيراني ليحطّم أسنان مشروعها كلّه، في هذا المشهد الإيراني المعقّد عراقياً وسورياً ويمنياً ودولياً، ما الذي استدعى أن يُطلّ نصر الله بالأمس ليحاضر في «بركات» بشارّ الأسد ونظامه، وهذا الخطاب هل هو للاستهلاك الداخلي السوري، والتبرير لمؤيدي النظام أسباب الخسارات بعد الوعود بالنصر؟ والسؤال الأكبر: أيّ حاجة دفعت بشار الأسد للاختباء خلف صورة حسن نصرالله في خطاب القسم المؤيد له من الشعب السوري؟! الإجابة بالتأكيد ليست في الإخبارية السورية، ولا في الحرب السوريّة، الإجابة عن إطلالة نصرالله يأتي على طريقة عمر بن أبي ربيعة في قصيدته «أ!مِنْ آلِ نُعْمٍ» إذ يقول على لسان العاشقة العمريّة: «إذا جئتَ فامْنَح طرفَ عينك غيرنا/ لكيْ يَحسبوا أنّ الهوى حيثُ تُنْظرُ»!!
وبعيداً عن هذه التساؤلات على هامش هذه الإطلالة «الدعائيّة» ظاهراً لبشّار الأسد، لا نريد أن نتوقف إلا عند نقطة واحدة من كلام حسن نصرالله الذي أطلقه بالأمس حيث قال، ويبدو أنّه مصرٌّ على أسلوبه هذا: «استغلّ «حادث اغتيال» الرئيس الحريري ومن قتله كان «محضّراً كل السيناريو» لاتهام سوريا و»اضطرت» سوريا أن تخرج من لبنان ولكنها لم تخضع»!! هذه هي المرة الثانية التي يستخفّ فيها أمين عام حزب الله بجريمة اغتيال إرهابية كبرى طاولت شخصية سياسية كبرى بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وللمرة الألف يستخفّ أمين عام حزب الله بعقول اللبنانيين مستخدماً صيغة «المجهول» في الحديث عمّن رتّب واغتال رفيق الحريري، مع ملاحظة أنّه عن «محاضراته المطوّلة» في مؤتمرات صحافية عدّة خصّصها لإقناع اللبنانيين بأنّ إسرائيل هي الجهة التي اغتالت رفيق الحريري!!
عمليّاً خلاصة السنوات العشر التي مرّت على لبنان والمنطقة من دون رفيق الحريري تؤكّد أنه كان العقبة الكبرى في وجه المشروع الإيراني ومخططه الفارسي، وأنه كان عائقاً كبيراً دون قيام تنظيمات همجيّة متطرفة كـ»داعش» و»النصرة» وسواهما، وأن حجم اعتداله كان مانعاً حقيقياً لظهور هذا التطرّف الذي تشهده المنطقة، وهنا علينا أن نعيد التذكير بأنّ إيران نفسها دخلت على خطّ المحكمة من أوسع أبوابها عبر فتوى لمرشدها الأعلى علي الخامنئي أعلنها في 21 كانون الأول من العام 2010 اعتبر فيها «أن المحكمة شكليّة، ومرفوضة، وأي قرار أو حكم سيصدر عن المحكمة يعتبر باطلاً ولاغياً»!!
ستكون لنا قراءة مناسبة لإطلالة حسن نصرالله السوريّة، إلا أنّ دخوله بوابة الحديث بالأمس من ذاكرة اغتيال رفيق الحريري الثقيلة في استعادتها، استوقفنا اليوم لأنّنا نستعيد معها «مرارات» ذاقها اللبنانيّون وحدهم، نعيد القارئ إلى ما سبق وكتبناه في شباط الماضي في الذكرى العاشرة لاغتيال الحريري: «في 10 كانون الثاني من العام 2012، أجاب روبرت بير المسؤول السابق في الاستخبارات الاميركية الـ CIA عن سؤال: «هل انهارت نظريتك عن السيطرة الإيرانية الشيعية على الشرق الأوسط؟»، فقال: «كلياً، انهارت وماتت»، هذه النظريّة هي التي دفع رفيق الحريري حياته ثمناً لتمريرها»، نعم سقط المشروع الإيراني، ونحن نشهد لفظ أنفاسه الأخيرة في اليمن، كما في الحلف «الخبيث» بين البدائل عن إيران وبشار وحزب الله هي «داعش»، هذان وجهان لمخطط واحد، والولادة كانت عراقية وسوريّة فأبرز وجوه «داعش التكفيريّة» خرجت من سجون «نوري المالكي» في العراق و»بشّار الأسد» في سوريا،
وللحديث تتمّة!!