ينشغل العالم هذه الايام في مواجهة مشكلة النازحين السوريين من اميركا الى دول اوروبا حيث تخصص مساحات واسعة لاستقبال هؤلاء بصورة استثنائية، فيما لم يتحدث احد عمن يعتقد نفسه حليفا لنظام بشار الاسد، عن تخصيص كوتا معينة لاستضافة السوريين الهاربين من الموت الحتمي جراء ما ينفذه النظام المدعوم بصورة مطلقة من ايران وروسيا. وهذه المفارقة من الضروري التوقف عندها ليس لان طهران وموسكو غير قادرتين على استقبال الفارين السوريين من المجازر ومن القتل الجماعي، بل لان ادعاء تحالفهما مع النظام غير مرتبط بالاهتمام بالمواطنين العاديين.
ان تخصيص مليارات الدولارات لاستضافة النازحين في كل من لبنان والاردن وتركيا عمل انساني راق وبتفوق، حيث يستحيل ترك النازحين من دون مأوى ولا طعام ولا كساء الامر الذي جعل الغرب يواجه المشكلة من منطلق انساني بحت لا علاقة له بالشأن السياسي، خصوصا عندما يتعلق الامر بالهجرة الجماعية للنازحين الذين تدفقوا على الغرب على امل ان يعيشوا يومهم من غير حاجة الى ان يواجهوا مصيرهم المحتوم في حال لم يغادروا بلدهم، حيث كانوا عرضة لكل اعمال القتل غير المباحة والتي تدينها اعراف السماء والارض!
حيال كل ما تقدم لم يسمع خبر واحد عن دور روسيا وايران في استضافة النازحين السوريين، ربما لان ضلوع الدولتين في اعمال القتل والسحل والتدمير يمنعهما من ان يساعدا سوريا واحدا، كما تجاهلا هذا الموضوع الانساني ولا اخذا على عاتقهما الاعلان صراحة عن ان دورهما في الحرب السورية هو من تسبب ويتسبب بافراغ سوريا من شعبها، طالما ان هؤلاء امام خيار القتل او الهجرة كما دلت التطورات منذ اكثر من ست سنوات!
عندما يقال ان مشهد جثة طفل سوري لفظها البحر بعد غرق السفينة التي كانت تقله الى الدول الغربية فارا من نظام القتل والتدمير، قد حرك شعور العالم بالغضب مما يتعرض له الشعب السوري، من دون ان يقال في المقابل ان ايران وروسيا قد شعرا عرضا او ضمنا بذلك فهذا معناه ارتكاب جريمة اضافية بحق السوريين والا ما معنى الصمت المطبق من جانب المسؤولين الروس والايرانيين بالنسبة الى الالاف من السوريين النازحين الذين زاد عددهم عن مئات الالوف، فيما لا بد وان تكون موسكو وطهران قد سمعتا كيف استقبلت المانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا النازحين بفتح ابواب الهجرة والمساعدة امامهم!
عندما يقال ان روسيا وايران تساعدان سوريا الاسد لا بد من سؤالهما عما يفعلانه ازاء الملايين من النازحين السوريين وهل صحيح انه عند مساعدتهما للاسد تكونان تساعدان الشعب السوري على الوقوف في وجه عمليات التصفية والابادة، ام ان همهما منحصر بجعل نظام بشار الاسد يتابع جرائمه التي تجافي ابسط الحقوق الوطنية والانسانية، لاسيما ان اخر اخبار مجازر الاسد، حصوله على طائرات روسية متطورة تسمح بالعمل ليلا، في الوقت الذي ينشط الخبراء الروس في ترتيب اعمال مواجهة خصوم الاسد بمختلف انواع الاسلحة الحربية المتطورة، بينما لم تتوقف ايران عن دعم الاسد بالسلاح والرجال والعتاد، فضلا عما تغدقه طهران من دعم عسكري مباشر من خلال مقاتلي حزب الله؟
وما يقال عن الايرانيين والروس يقال مثله عن الدول التي لم تقل كلمة تدين فيما مجازر الاسد، كي لا يقال مثلا ان الدول المشار اليها لم تقدم مساعدة في مجال استضافة النازحين السوريين، بدليل مناشدات الامم المتحدة تكرارا تقديم مساعدات انسانية الى الدول التي تستضيف نازحين يتعدون طاقتهم على الاحتمال مثل لبنان والاردن حيث هناك نقص في الغذاء والايواء، مع ضرورة شكر كل من ساهم ويساهم في مجال مساعدة النازحين السوريين بمطلق طريقة ممكنة!
وفي عودة الى تقاعس ايران وروسيا عن مساعدة النازحين السوريين هناك من يقول انه يستحيل على الدولتين ان يسهما في قتل السوريين عن سابق تصور وتصميم، في الوقت الذي يخصصانه لتقديم المساعدة، هذا الشيء مخيف ومرعب قياسا على ما هو قائم بالنسبة لهذه الكارثة التي تكاد تفرغ سوريا من شعبها، مقابل اصرار نظامها المدعوم من ايران وروسيا على رفع وتيرة القتل والابادة لما فيه مصالح ذاتية مدانة من كل ما له علاقة بالحياة الانسانية والقوانين والأعراف؟!