شاء القدر أن أزور إيران في اواخر أيام الشاه، ولا تزال صورة تلك البلاد تجول في ذاكرتي، خصوصاً أنّ إيران أيام الشاه كانت بالفعل امبراطورية، وليست بلداً عادياً، وذلك لعدة أسباب، أهمها:
أولاً: إنّ أميركا كانت تعتبر إيران خط الدفاع الأوّل لها ضد الاتحاد السوڤياتي، ومن أجل ذلك كان هناك جيش يعتبر من طليعة الجيوش في العالم على كل الأصعدة، فالدبابات الاميركية الحديثة الى أهم أسطول طيران F-16 وناقلات جند، ويخضع جيشها لأهم التدريبات في أميركا وأوروبا.
ثانياً: على صعيد النفط، كما هو معروف، أنها كانت تعتبر من أوائل الدول في تصدير النفط الى جانب المملكة العربية السعودية ودول الخليج والكويت.
ثالثاً: على صعيد الاقتصاد، فقد تطوّرت صناعة السيارات، حيث أقام بعض الدول الاوروبية مصانع لتجميع السيارات الأوروبية.
رابعاً: على صعيد الزراعة، إيران غنية بالمساحات الزراعية، وعندها شبه اكتفاء زراعي.
خامساً: تشتهر إيران مع روسيا الواقعة على بحر قزوين الغني بالكافيار الأغلى في العالم، بالإضافة الى زراعة التبغ خصوصاً التنباك العجمي، وكذلك صناعة السجاد العجمي، الذي يعتبر الأهم والأغلى في العالم.
ماذا عن إيران اليوم؟! منذ مجيء آية الله الخميني وحكم الملالي:
أولاً: أسوأ علاقات مع معظم دول العالم، في أوروبا وأميركا والدول العربية، بالإضافة الى رفعها شعارات فارغة مثل الشيطان الأكبر، أي أميركا، والشيطان الأصغر أي إسرائيل… ولكي ينفذ الخميني فيلم التشيّع أو بالأحرى لعبة الفتنة بين أهل السنّة وبين الشيعة طرح موضوع التشيّع، وأوّل عمل قام به هو شن حرب ضروس ضد العراق، الدولة العربية الإسلامية، وكان نتيجتها تدمير الجيش الايراني وتدمير الجيش العراقي، والاثنان جيشان مسلمان أي حرب إسلامية – إسلامية تحت شعارات فارغة على رأسها إزالة إسرائيل من الوجود.
ثانياً: حصل تراجع كبير في الاقتصاد الإيراني، بسبب الحروب في المنطقة ودعمها نظام المجرم بشار الأسد وإنفاقها مئات المليارات لبقاء ذلك النظام المجرم تحت شعار التشيّع أيضاً.
ثالثاً: في الوقت الذي تصرف على تمويل «حزب الله»، مليار للرواتب ومليار للسلاح منذ عام 1983 وبعملية حسابية بسيطة تكون قد صرفت حوالى 70 مليار دولار على مشروع غير قابل للنجاح مهما حاولت أن تضخ إليه الأموال… ونحن من القائلين إنّ مشروع ولاية الفقيه لا يمكن أن ينجح في الحكم ولكنه ينجح في التخريب، وهذا ما حصل في العراق، ويحصل في سوريا، وتجربة لبنان لا سيما عندما كلف رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي ليشكل حكومة من لون واحد كلها من التابعين لـ»حزب الله» قد فشلت فشلاً ذريعاً، حيث أصبح الناتج المحلي صفراً نعم Zéro، وكانت تجربة فاشلة بكل معنى الكلمة، وبرهنت أنّ إيران تستطيع أن تخرّب في العالم العربي، ولكنها لم ولن تستطيع أن تحكم.
رابعاً: اليوم، يعاني الاقتصاد الإيراني صعوبات كبيرة بسبب العقوبات الاقتصادية الاميركية، مع انهيار العملة، حيث انخفضت قيمة التومان لتصبح ٨٠ الف تومان مقابل دولار بعدما كان الدولار يساوي ٥ تومان.
شركة توتال للنفط الفرنسية أوقفت استثماراتها في إيران، حيث كانت تستثمر بقيمة 4 مليارات في مشاريع نفطية،
وشركة بوينغ لصناعة الطائرات كانت قد اتفقت مع طهران على بيعها 100 طائرة أي انها صفقة العمر، ولكنها سلمت إيران 3 طائرات وتوقفت بسبب العقوبات،
وشركة بيجو للسيارات أيضاً توفقت عن إقامة مصنع لتجميع السيارات.
وأهم من هذا وذاك أنّ إيران، وبفضل نظام الملالي، أصبحت من أفشل الدول في العالم، في وقت يعاني الشعب الايراني من الفقر والعوز، والتظاهرات تكاد تكون شبه يومية.
أخيراً، يظهر أنّ نهاية هذا النظام أصبحت قريبة، لا بل قريبة جداً.
عوني الكعكي