التحوّلات والمتغيّرات تهز 8 آذار … والأمور باقية تحت السيطرة
ما خلفه تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني من ارتدادات لن يكون الأول والأخيرة في سياق التفاعلات الداخلية بين مدافع عن التصريح ومحور له وبين المنتقدين ، فالكلام المنسوب للقيادي الإيراني أربك الساحة اللبنانية وخصوصا حلفاء حزب الله المسيحيين ليضيف المزيد من التوترات بين الحلفاء، حيث ان كل فريق سياسي يقع تحت تأثير جمهوره وقواعده، وبالتالي، فان التصريح الأخير كان الأكثر ثقلا على التيار الوطني الحر كما عبرت تغريدات ومواقف مسؤولين فيه.
الاشتباك الذي يتم العمل على لملمته، يشكل واحداً من التباينات بين حلفاء الخط الواحد، وقد سبقه قبل فترة توسع مروحة التباين حول ترسيم الحدود ومناوشات في موضوع تأليف الحكومة والتدقيق الجنائي حيث تسجل خلافات كثيرة داخل فريق 8 آذارنتيجة التشنج السياسي وحجم الضغوط وعلى ضوء الانهيار المالي والاقتصادي وفشل تأليف الحكومة والتصعيد السياسي بين واشنطن وحزب الله بعد ان تحول لبنان الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية ولوحت واشنطن بالمزيد من التصعيد ضد الحزب والبيئة اللبنانية.
لكن حجم الضغوط وفق مصادر سياسية لا تعني ان الأمور سوف تخرج عن السيطرة داخل هذا الفريق الذي يتماسك في الاستراتيجية والمواقف الكبرى، وعليه تقول المصادر فان الرد الحاد لقياديين في التيار الوطني الحر على الموقف الإيراني يعبر عن حالات معينة وآراء خاصة لدى قيادات هذا الفريق، خصوصاً ان الفريق العوني يمر في مرحلة سياسية حرجة منذ انفجار 4 آب كونه شكل مع فريق الرئاسة شماعة علق عليه الانفجار، كما انه كان الأكثر تأثراً من التداعيات السلبية لانفجار في منطقة لها رمزيتها المسيحية ومع اندفاعة و«أوركسترا» سياسية تحمّل العهد وفريقه مسؤولية اي شيء يحصل على الساحة الداخلية.
وقد رصد من خلال ردود الفعل وجهتي نظر لدى الفريق العوني، واحدة تتبنى خيار «حلوا عن ربنا» تحت هول الضغوط والشعور المسيحي ان التيار وجمهوره يدفعون ثمن خيارات سياسية معينة جاءت نتيجتها عقوبات اميركية على النائب جبران باسيل ، وفريق ثاني يعتبر ما يحصل من ردود في السياق الطبيعي ونتيجة التحولات الكبيرة وتأثير الضغوط، حيث يصر أنصار هذا الفريق ان لا مصلحة للتيار بفك اي تحالف يؤمن الانصهار الوطني والتلاحم في مرحلة حرجة، كما ان التيار الذي وقع تفاهم مار مخايل لا يمكن ان ينخرط بالحملة التي يتعرض لها حزب الله لتحميله وزر الانهيار وما حل باللبنانيين.
في مجالس 8 آذار والحلقات الضيقة حديث عن تمايز بين أبناء الخط الواحد حول ملفات كثيرة، التباعد يظهر على المواقع الالكترونية عبر الايحاءات التي يتحدث عنها عونيون بان التيار تعرض لخيبات متتالية وترك العونيون وحدهم من دون مساندة في المعارك ضد الفساد .
يعترف سياسيو الفريقين ان هناك تبايناً في طريقة مقاربة الملفات ومعالجة الأزمات وطريقة التعاطي مع الضغوط الدولية، وان التباينات اليوم تبدلت، فالخلافات انتقلت من الملفات الداخلية الى اخرى لها صلة بالمتغيرات وتتصل بالملفات الكبرى المطروحة على ضوء الانهيار المالي والاقتصادي كمسألة تاليف الحكومة وتفاصيل الترسيم والأدوار والصلاحيات.
تشهد العلاقة بين مكونات 8 آذار في كثير من المرات «هبات باردة وساخنة» و يمكن تعداد الكثير من حوادث فقدان السيطرة على مكابح علاقة الأطراف بين التيار الوطني الحر وحركة امل بصورة خاصة وبين العونيين وحزب الله بعد جولات من السجالات، حيث سبق ان حصلت تجاوزات لآداب العلاقة السياسية بين الفريقين بكلام عوني عن رفض معادلة البندقية ومعادلات أخرى تم التحفظ عليها بين الطرفين، علماً ان حزب الله كما يقول المقربون منه لديه ملاحظات كثيرة وهو يرصد مؤخرا سياسة النأي بالنفس التي يمارسها التيار الوطني الحر في ملفات معينة.
برأي سياسيين من المحورين، فان الحلفاء تأثروا بحجم الأحداث والتحولات، والاختلاف هو في مقاربة الملفات والرؤية السياسية بخلاف المرحلة الماضية، حيث كان مضبوطا تحت سقف التفاهمات، إلا ان اهتزاز العلاقة لا يعني سقوطها وإعلان التمايز في عدد من الملفات قد يكون مفيدا للطرفين في مواجهة الحصار والضغوط.
يضع السياسيون ما يحصل من توتر 8 آذار في اطار التشنج بامتدادات إقليمية، وعليه، فان التمايز وسياسة توزيع الأدوار في البيت الواحد في هذه المرحلة الإقليمية الحساسة قد يكون مفيداً لمكوناته السياسية ، وبالمؤكد فان رفع الصوت والاعتراض لا يعني بالضرورة فك التحالفات والمسارات.