فيما لبنان غارقٌ في «غيبوبة» سياسيّة و»فوضى» عبثيّة لحراكات «سُرياليّة»، تنشغل المنطقة حولنا بعناوين كبيرة، وحده حزب الله غارقٌ حتى أذنيْه في معركة «استهان» بها فتحوّلت إلى نزيف دائم لأعداد قتلاه من عناصر وكوادر، فيما يشكّل الحدث الروسي في سوريا العنوان الأبرز الذي يعصف علامات استفهام في المنطقة، خصوصاً مع «تبلبل» المواقف الأميركيّة والتي كان آخرها ليل أمس لجون كيري وزير الخارجية الأميركي الذي أعلن «نتّفق مع روسيا بخصوص مفاتيح الحلّ في سوريا»، ولكن تبقى الحصّة الأكبر من «إقلاق» المنطقة تحظى بها إيران، فجماعة «الممانعة» في لبنان إذ أعلنوا « انتصارهم» وهو أمر لم تجرؤ طهران نفسها على إعلانه!!
ومن عجب الأشياء، أنّه وبعد أقلّ من 24 ساعة على الإعلان عن كشف وثائق صادرتها القوات الأميركية بعد مقتل بن لادن عام 2011، وتناولت علاقة وثيقة تربط إيران بتنظيم القاعدة الإرهابي، أن يخرج الرئيس الإيراني حسن روحاني بالأمس ليعلن أنّ إيران «تشكل أكبر قوة إقليمية ضد الإرهاب والإرهابيين هي القوات المسلحة الإيرانية»!! «من وين لوين» إيران ضد الإرهاب؟! فروحاني نفسه صرّح خلال أسابيع مضت وفيما يتضمّن التهديد بأنّ «طهران تعتبر الدولة الأقوى والأكثر إقتداراً في المنطقة، والسلام والإستقرار لن يتحققا في المنطقة من دون إرادة إيران»!!
من المسلّم به جدلاً أنّ إيران دولة تمارس زعزعة الاستقرار في المنطقة وإثارة الفتن والحروب الداخليّة والتدخّل في شؤون الدول العربيّة كلّها، والمسلّم به جدلاً أيضاً أنّ إيران دولة تستطيع أن تساعد في تحقيق استقرار المنطقة عندما تسحب جميع أذرعها وأذيالها مع سلاحهم وتسحب رغبتها التوسعيّة الجامحة من المنطقة، إذ لا فرق بين رغبة إسرائيل ولا إيران التوسعية، الأولى ترى حدودها من الفرات إلى النيل، والثانية تريد «نشر التشيّع» في المنطقة لتتمكّن من حكم العالم العربي كلّه!!
وبحسب الوثائق «بن لادن» فالعلاقة الوطيدة بين إيران وقيادات التنظيم، بدأت في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، أن القاعدة كانت تتحرك براحة شديدة داخل إيران، واعتبر خبير مكافحة الإرهاب الأميركي بول كريشنيك في حديث صحافي، إنّ تجميد الخزانة الأميركية أموال ستة من قياديي التنظيم الموجودين في إيران «يؤكد أن طهران كانت حلقة مهمة في تمويل التنظيم في باكستان وأفغانستان»، وهذا الكلام وإن كان ليس بجديد إلا أنه بات مدعوماً بالوثائق، في وجه إيران «أكبر قوّة في وجه الإرهاب»، ونستطيع أن نغضّ النظر عن كلّ ماضي إيران الإرهابي وتدخّلها في الشؤون العربيّة، ولكن لنأخذ الإرهاب القريب، إرهاب إيران في اليمن، بواسطة الحوثيين عملاء إيران والمخطط الذي كانت إيران تسعى لتنفيذه في موسم الحجّ هذا العام، فماذا يقول روحاني عنه؟!
خلال اليومين الماضيين تناقلت الأخبار ما كشفه رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات اللواء أنور عشقي عن المخطط الإيراني للاستيلاء على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي عبر هجوميْن من اليمن بمساعدة الحوثيين وتأتي قوات إيرانية أخرى عبر الكويت، وقال عشقي إن المخطط كان يجب أن يكتمل خلال موسم الحج الحالي لولا التدخل العسكري السعودي في اليمن الذي يقول اللواء السابق في الجيش السعودي؛ إنه لاقى ترحيباً أميركياً متأخراً بعدما أطلعت الرياض العاصمة واشنطن على تفاصيل المخطط!! فهل هناك إرهابٌ أكبر وأعتى من إرهاب إيران الذين يلعبون وبتفوق شديد دور «الخوارج والقرامطة والحشاشين» وكل تنظيم إرهابيّ عرفه العرب منذ قيام دولة الخلافة الإسلاميّة!!