لا يحتاج المشهد في اليمن لقرع أجراس الخطر على الأمن القومي للمملكة العربيّة السعودية، ومصر، والخليج العربي برمّته، وما تفعله إيران هناك أخطر بكثير مما فعلته في العراق والبحرين وغزّة، وهو متناسق جداً مع ما فعلته في لبنان عندما بسط لها حزب الله حدوداً على البحر الأبيض المتوسط، وأقام لها جبهة جاهزة للاشتعال مع إسرائيل متى احتاجت مفاوضاتها للضغط على المنطقة والعالم وتهديد مصالحه الجميع على الطريق «الشمشونيّة» الغبيّة، وذلك ممّا فعلته في لبنان، لذا كان من الطبيعي أن يبتهج مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، ويعرب عن أمله في أن «يلعب الحوثيون في اليمن الدور الذي لعبه حزب الله في لبنان»!!
منذ أنشأت إيران ميليشيا حزب الله في لبنان، الذي تأسس في طهران عام 1981، لم تخفِ هدفها ولا أهميّة هذه الميليشيا بالنسبة لكيان إيران الخميني، وهنا لا بُدّ من التذكير بما نقلته صحيفة النهار في 11 كانون الثاني 1984 عن فخر روحاني ـ سفير إيران في لبنان ـ قوله: «لبنان يشكل خير أمل لتصدير الثورة الإسلامية».
وبحديث فخر روحاني لصحيفة «اطلاعات» الإيرانية في كانون الثاني العام 1984ـ وللمناسبة كلام روحاني هو ترجمة حرفيّة لما حققته إيران خلال عشرين عاماً وما تشكّله اليوم من خطر حقيقي على العالم العربي كلّه ـ يقول روحاني: «لبنان يشبه الآن إيران عام 1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون»، عملياً هذا ما حدث، والسبب معروف وتتحمّل مسؤوليته الدول العربيّة والخليجيّة تحديداً التي تركت هذا الخطر الإيراني الخبيث ينمو ويمتدّ وقد وصل الخطر إلى حدودهم وما يزال حكّام هذه الدول في «غيبوبة»!!
وما قاله بالأمس الشيخ نعيم قاسم عن مركزيّة المقاومة في لبنان، ليس إلا ترجمة لما صرّح به حسن نصر الله لصحيفة العهد» في 23 حزيران 1989 :»دعانا الإمام لإقامة الحكومة الإسلامية في أي بلد نعيش فيه وهذا ما يجب أن نعمل له وأن نفهمه تكليفاً شرعياً واضحاً، وان نعمل له في لبنان وفي غير لبنان»، وقد عملوا حتى باتت إيران قاب قوسين أو أدنى من تشكيل خطرٍ كبير على حدود المملكة العربيّة السعودية الجنوبيّة بعد سيطرة الحوثيين أو «أنصار الله» في اليمن ـ وهم نسخة إيرانية طبق الأصل من ميليشيا حزب الله ـ على ميناء الحُديْدة، وهو أكبر ميناء شمال اليمن، سيجعلهم على تواصل مع أرخبيل جزر «دوغلك» التابعة لإريتريا التي في بعضها الحرس الثوري الإيراني ويتم تخزين الأسلحة على أرضها»، وبحسب خبراء استراتيجيين، سيتحكم الحوثيون بمجرى الملاحة العالمي وسيتمكنون من الاتصال بالقوى الدولية، وقد يتم تزويدهم بطائرات وسفن حربية ما يجعلهم يشكلون خطراً على بقية محافظات اليمن مثل مأرب والجوف مما يعني أنهم سيكونون جيران قلاقل امنيّة للمملكة العربيّة السعوديّة، وعلى نطاق أوسع يمتد من صعدة إلى شرورة وحدود مسقط»، فهل ما زالت السعوديّة في حالة سُبات، لأن إيران تكاد تفاجئها وتوقظها بعد فوات الأوان بـ «صحّ النوم»!!
العين خلال هذه الأسابيع على اليمن، إذ تكاد إيران تُطبق عبر أداتها في اليمن «الحوثيين» على إستراتيجية موقع «باب المَنْدِب»، وبحسب اللواء نصر سالم أستاذ العلوم الإستراتيجية ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة المصرية «لو حدث ذلك – لا قدر الله – سوف يتعرض الأمن القومي العربي كله وليس أمن مصر فقط للخطر، لأن إيران تسعى إلى تفتيت الدول العربية وضرب الإسلام في مقتل»، وللمناسبة حزب الله بدأ يتصرف في لبنان على أساس النصر الإيراني في اليمن !!