تبدّلت أولويات الديبلوماسي جان – فرنسوا جيرو الذي تكلّفه باريس الاهتمام بالملف اللبناني، وتقدم البحث عن إطفائية تمنع حصول انفجار مع اسرائيل بعد عدوانها على القنيطرة ورد “حزب الله” في مزارع شبعا، على البحث المزمن عن كوّة تساعد على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية اللطيمة!
صحيح ان المعطيات الواقعية على طرفي الحدود تستبعد نشوب حرب ثالثة خلافاً لما أعلنه المهووس أفيغدور ليبرمان، لكن ارتفاع التوتر يزيد احتمالات الانزلاق الى الانفجار وإن لم يكن هذا لا في حسابات “حزب الله” المنهمك بالقتال داخل سوريا، ولا في حسابات بنيامين نتنياهو المنهمك الآن بالانتخابات.
ولا بد من ان يكون المسيو جيرو الذي يأتي الى بيروت مرة جديدة حائراً اليوم في من يصدق، هل يصدّق رئيس لجنة الأمن في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، الذي شارك في حفل تأبين ضحايا “حزب الله” نتيجة العدوان على القنيطرة، وكرر تأكيد “حرص طهران على دعم استقرار لبنان وأمنه” أمام الرئيس تمام سلام وكل الذين التقاهم، أم يصدّق كلام قائد حرس الثورة الإيراني محمد علي جعفري الذي قال “إن على الكيان الصهيوني ان ينتظر الرد التالي على غارة القنيطرة والذي سيكون ساحقاً وأكثر قوة ولن يكون عند حدوده بل في أي مكان يكون فيه الصهاينة وأتباعهم”؟
صحيح ان كلام بروجردي يأتي من أبجدية السياسة بينما يأتي كلام جعفري من القاموس العسكري، لكن حديث السيد حسن نصرالله عن رفض “تفكيك الجبهات” والذي سبق العدوان الاسرائيلي على القنيطرة، ثم حديث جعفري بعد الرد من مزارع شبعا عن ان “رد ايران هو عينه رد حزب الله، ونحن والحزب واحد، وأينما أريقت دماء شهدائنا فإن ردنا سيكون واحداً”، يشكلان إعلاناً متكرراً عن وحدة أو عن “تلازم الجبهتين” من الجنوب الى الجولان، وهو يتوازى مع الإعلان عن وحدة الحزب مع النظام الإيراني، ولعل هذا ما دفع البعض الى تفسير كلام جعفري بأنه أمر للحزب بردٍ ثانٍ على اسرائيل!
وهكذا عندما يقول السيد حسن نصرالله “ان قواعد الاشتباك مع اسرائيل لا تعنينا”، وبعدما فشلت فرنسا في استصدار أي بيان لمجلس الأمن الذي دعته الى جلسة طارئة لاحتواء التصعيد في الجنوب، لن يكون مستغرباً اتّساع الخوف من انهيار القرار ١٧٠١، ولو كانت الحجة ان الرد على عملية القنيطرة جاء من أراضٍ لبنانية محتلة!
أما عندما ينخرط “حزب الله” في محور يخوض صراعاً إقليمياً مديداً، ويتفرّد بإعلان التلازم بين الجنوب والجولان، لن يكون سهلاً معرفة “الخط الأزرق” من الخط الأحمر واستمرار الهدوء الهش، واذا كانت ظروف اليوم تحول دون حرب جديدة، فالظروف تتغيّر وخطر الانفجار يبقى داهماً!