وأخيراً بعد 21 شهراً من المفاوضات عُقد الاتفاق بين إيران و5+1 (أي الدول الخمس الكبرى وألمانيا) حول الملف النووي الإيراني.
وأخيراً تنفّس الشعب الإيراني الصعداء حيث سترفع العقوبات الاقتصادية الشديدة عن كاهله والمستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، وبدوره المجتمع الدولي يرى أن الضوابط التي وضعها على إيران كفيلة بعدم إقدامها على صنع قنبلة نووية خلال العشر أو العشرين عاماً المقبلة، وهذا يجعله أكثر ارتياحاً، لأنه كان «يرتاب» بنشاط إيران وسعيها لامتلاك سلاح الدمار الشامل.
ما أعلن هو إتفاق «خارطة طريق» لنظام مراقبة شديدة ودائمة من المجتمع الدولي على نشاطات إيران النووية، حيث سيبدأ مفتّشو «هيئة الطاقة النووية الدولية» بزيارة المواقع النووية الإيرانية كافة، العسكرية وغير العسكرية.
إيران سعت لإبعاد المواقع العسكرية الإيرانية عن نشاط المفتشين الدوليين، وأعلنت أثناء المفاوضات أن المواقع العسكرية ممنوع تفتيشها وهي مواقع «سيادية» و«خط أحمر» أمام المفتشين «ولن نسمح بانتهاك سيادتنا»، ولكن أمام إصرار أميركا والدول الأوروبية رضخت وقبلت بتفتيش جميع مواقعها العسكرية. ويُذكر أن المرشد علي خامنئي هو من أعلن هذا الرفض أثناء المفاوضات منذ أسبوعين فقط، ولكن بسبب الرغبة الجامحة لدى الإيرانيين لعقد الاتفاقية ومن ثمّ رفع العقوبات «الخطوط الحمراء» أصبحت خضراء أمام المفتشين الدوليين. ويُذكر أيضاً أن بعض القادة الإيرانيين أعلن أن إيران ليست العراق التي سمحت عام 2002 إبّان حكم الرئيس صدام حسين لمفتشي هيئة الطاقة النووية الدولية بتفتيش جميع المواقع المدنية والعسكرية العراقية بما فيها القصور الرئاسية..!! ولكن تبيّن في ما بعد أن إيران كالعراق.. والقضية السيادية أمام الضغوط الكبيرة تصبح وجهة نظر..!!
الرئيس باراك أوباما أعلن بنفسه الوصول إلى التوافق على عقد الاتفاقية ورغب أن يعلن أن «إيران ستتخلص من 98 بالمائة من مخزونها من اليورانيوم، وأنها ستخفض أجهزة الطرد المركزي لديها بمقدار الثلثين، أي من 19 ألف جهاز طرد مركزي إلى 6 آلاف فقط، وأنه ممنوع عليها إحداث أي تطوير على ما بقي لديها لتصبح أكثر تقدماً..».
الملفت للإنتباه أن التلفزيون الإيراني نقل خطاب الرئيس باراك أوباما على الهواء مباشرة وهذا يحدث لأول مرّة منذ 30 عاماً (في السابق كان الرئيس الأميركي هو رأس الشيطان الأكبر..).
بدوره الرئيس حسن روحاني قال بعد توقيع الاتفاقية: «الآن تمّ فتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة تقوم على الحوار لحل الأزمات..».
ما يمكن القول فيه الآن والمؤكد أن هناك صفحة جديدة فُتحت بين إيران والولايات المتحدة والغرب، وإيران مهّدت لذلك منذ عامين عندما أزالت من شوارع طهران جميع الشعارات المعادية «للشيطان الأكبر»، وما هو غير مؤكد وغير معلوم شكل ونوع توجهات إيران لعلاقاتها مع دول المنطقة وتحديداً الدول العربية، وهل ستنقل هذه العلاقة إلى مرحلة جديدة مختلفة.. بعيداً عن منطق تصدير «الثورة» الذي زعزع استقرار العديد من الدول العربية.. أم ستبقى على نهجها السابق؟