Site icon IMLebanon

دخول لبنان مرحلة هي الأشد خطورة أسوة بالمنطقة التي تسير على توقيتين مختلفين أميركي وإيراني

 

لم يأتِ اغتيال الناشط السياسي والكاتب لُقمان سليم من خارج مدار دخول لبنان في مرحلة هي الأشد خطورة أسوة بالمنطقة التي تسيرُ على توقيتين مختلفين أميركي وإيراني، بانتظار أن يتقاطعا عند نقطة التقاء على طاولة تفاوض قد يطول الوصول إليها.

 

كان الاعتقاد أن الأشهر التي سبقت الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني 2020،ومن ثم المرحلة الانتقالية بين دونالد ترامب وجو بايدن،هي أشهر فائقة الدقة والصعوبة سيعقبها حال انفراج عام مع تسلّم الرئيس الجديد مقاليد السلطة، فإذا بالتطورات المتسارعة مند دخول بايدن «البيت الأبيض»، تُؤشّر إلى أن سياسة ضبط النفس التي مارسها «محور إيران» تمريراً لزمن ترامب تحوّلت إلى سياسة تصعيد متدرّج على مختلف ساحات الصراع في المنطقة، وهي سياسةمُرشحة لاشتداد في الوتيرة والحدّة سواء في اليمن، أو العراق،أوسوريا، أو لبنان، وحتى في أفغانستان وغيرها من الساحات الدولية التي تستطيع طهران أن تستخدمها صندوقة بريد. والهدف منها إرسال رسائل واضحة ومشفّرة للإدارة الأميركية الجديدة الذي سيمتدُ زمنها 4 سنوات.

 

يقول منظرو «المحور» إنه مرّر العاصفة التي كانت تُحيط به أيام الرئيس السلف، ومع التقاط أنفاسه اليوم، يسحبُ بعضاً من أوراقه الاستراتيجية والعسكرية التي كان يضمرها، والتي يمكن أن تكون كاسرة للتوازن. من تلك الأوراق استخدام «حزب الله» صواريخ أرض- جو ضد طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق جنوب لبنان. وفق المعلومات، فإن «حزب الله»استخدم الأربعاءللمرة الثانيةصاروخ أرض- جو لاستهداف «درون» إسرائيلية حلّقت فوق الزهراني،وإن كان لم يُصبها. وهذا السلاح يُعتبر كسراً لـ»قواعد الاشتباك» بين الطرفين، وقد يكون رداً على محاولة استهداف إسرائيلية لهدف في الضاحية بقي ملتبساً وهو في مفهوم «الحزب» يُشكّل خرقاً إسرائيلياً لهذه القواعد.

 

لكن ظهور أنواع جديدة من الأسلحة، في هذا التوقيت، التي يمكن اعتبارها كاسرة للتوازن، معطوفة على رسائل إيران إزاء الوجود الإيراني في العراق، ورسائل الصواريخ الباليستية ضد الرياض بتوقيع الحوثيين يُراد منه، حسب المنظرين، تعزيز موقعها في وجه إدارة بايدن، من خلال تثبيت وقائع إضافية وجديدة، تُشكّل عناصر ضغط لصالحها، تضيفها إلى خرقها قيود الاتفاق بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة في «منشأة فوردو» النووية، وسط كلام غربي عن أنها أضحت على قاب قوسين أو أدنى من إنتاج قنبلة نووية، بما سيدفع فريق الرئيس الآتي من إدارة باراك أوباما، صاحبة إنجاز الاتفاق النووي، إلى تحريك سريع لعجلة العودة إلى الاتفاق.

 

سياسة ضبط النفس التي مارسها «محور إيران» تمريراً لزمن ترامب تحولت سياسة تصعيد متدرج على مختلف ساحات الصراع في زمن بايدن.. وستستمر

 

قبل أن يأخذ خبر استخدام «حزب الله» سلاح أرض- جو حيزه من الاهتمام، والذي لم يعلنه «الحزب» ولا أقرَّ به، بل أشارت إليه إسرائيل، استفاق اللبنانيون على خبر اغتيال المعارض الشيعي لـ«الحزب» المفكّر لقمان سليم في المنطقة بين بلدتي تفاحتا والعدوسية التي تُعتبر منطقة نفوذ «الحزب» في الجنوب. الاغتيال هو في حقيقة الأمر إعدام بدم بارد بكاتم صوت ورصاصات ست. وتمّت قراءه هذا الإعدام على أنه مثلث الأهداف: تصفية حسابات، والبدء بزمن جديد، ورسالة حملها جسد سليم إلى خارج الحدود.

 

قد يكون من المُبكر الجزم بمغزى الاغتيال وتوقيته، لكن القيادات الشيعية المُعارضة تعتبرُ أن الرسالة وصلتها، تماماً والانطباع السائد أن هذه الجريمة ستُوضع في الأدراج إلى جانب الجرائم السياسية التي طالت قيادات «الرابع عشر من آذار» في الموجة الأولى من الاغتيالات، وستلقى المصير ذاته في ظل أجهزة أمنية مغلوب على أمرها، وقضاء ممسوك، وحُكم مهادن، وزعامات وقيادات سياسية مناهضة ارتضت التسليم والانحناء أمام رصاص التصفية الجسدية لضمان حياتها، أو حماية لما تبقى من وطن!

 

مهما يكن من أمر، فإن الأكيد أن لبنان دخل مرحلة جديدة من الضغوط الأمنية، فأحداث طرابلس، التي كانت بصمات «سرايا المقاومة» من حلفاء «حزب الله» واضحة فيها، وفق عارفين في المدينة، لم تكن سوى صندوقة بريد لرسائل متعددة المرامي والاتجاهات، كما كان أمس جسد لقمان سليم، وليس متوقعاً أن تقف الرسائل عند هذا الحد، بل قد نشهد فصولاً مختلفة منها.