Site icon IMLebanon

إيران: الوساطة الفرنسية الحساسة جدّاً

 

 – لو فيغارو

 

أرسل إيمانويل ماكرون مستشاره الديبلوماسي على الفور للحصول على إيماءات من إيران ولتحريك واشنطن. «إيماءات صغيرة» نعم، لكن أي إيماءات؟

 

لوقف التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، يحاول المستشار الديبلوماسي لإيمانويل ماكرون، إيمانويل بون، إنتزاع بعض التنازلات من طهران، آملاً بدوره أن توافق واشنطن على أن تكون مرنة، لإبعاد ممرّ الحرب. الوقت يمرّ. الأحد، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز الحدود التي حدّدها الإتفاق النووي لعام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة. في الموازاة، وافق الرئيسان روحاني وماكرون على منح نفسيهما مهلة حتّى الإثنين المقبل، لعلّ بعد هذه الإنزلاقات في الأسابيع الأخيرة – الهجوم على الناقلات في الخليج، تدمير طهران الطائرة الأميركية من دون طيار، والتهديدات بضربات أميركية بالمقابل – تصبح «بعض طرق استئناف الحوار بين جميع الأطراف» قيد البحث. لكن قلّة الثقة بين الولايات المتحدة وإيران، تجعل مهمّة إيمانويل بون، الذي يعرف جيّداً البلاد لخدمته فيها، في زيارته لـ48 ساعة إلى طهران، صعبة للغاية.

 

على المدى القصير، من الممكن أن تتراجع حدّة التصعيد بين الطرفين من خلال «تجميد متبادل»، تسمح به الولايات المتحدة لإيران مجدّداً بتصدير النفط. في المقابل، تقبل إيران بوقف تدخلاتها ببعض النزاعات في الشرق الأوسط، وتوقف تدريجياً انتهاكها للإتفاق النووي.

 

خلال الإتصال الهاتفي بينهما يوم السبت، تبادل ماكرون وروحاني «بعض الأفكار». «يدور ذلك مثلاً حول إعادة واشنطن بعض الإعفاءات عن النفط» بحسب مصدر ديبلوماسي فرنسي مطّلع على الملف. حتّى 22 نيسان، كانت لا تزال واشنطن تسمح لـ8 بلدان بإستيراد النفط الإيراني. ويعلّق المصدر، «إيران كانت تصدّر مليوناً ونصف مليون برميل يومياً، اليوم تصدّر ما بين 400 و 600 ألف برميل، لكن يحتاجون الى مليون على الأقلّ لتحقّق صمود إقتصادها».

 

في قمّة مجموعة العشرين في اليابان التي عُقدت في 27 حزيران، كان إيمانويل ماكرون قد أكّد أنّه سيقترح على دونالد ترامب أن تنظر الولايات المتحدة في تخفيف بعض العقوبات على النفط الإيراني من أجل إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات. لقد تحدّث رئيس الدولة من جديد إلى الرئيس الأميركي خلال مكالمة هاتفية منذ يومين. هل ترامب جاهز لتقديم بعض التنازلات؟ لا شيء مؤكّد. في الأيام الأخيرة، يبدو أنّ المتحدثين الأميركيين ليس لديهم إلّا كلمة واحدة: «العقوبات» ضدّ إيران التي «تعزل» نفسها من خلال استئناف التخصيب. وليظهر ترامب مرناً ولتنجح المحاولة الفرنسية، يجوز أيضاً على إيران أن تكون متناغمة. لكن، هل هم مستعدّون في طهران لـ«الإيماءات الصغيرة» التي تطلبها فرنسا؟

 

تطالب الجمهورية الإسلامية رسميًا، برفع العقوبات عنها، قبل النظر في مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية. «لكن يعلم الإيرانيون أنهم لن يحصلوا على كل مطالبهم، كما يعتقد مصدرنا، إذ يتعيّن عليهم القيام ببعض التنازلات أيضًا». من خلال إلغاء بعض أقدم أجهزة الطرد المركزي، IR-1 على سبيل المثال؟

 

في اليمن، المتمردون الحوثيون، حلفاء إيران، يزيدون في الأسابيع الأخيرة – وليس بالصدفة – هجماتهم بطائرات بلا طيار على المطارات السعودية؟ علمًا أنّ هذا الأمر لن يكلّف إيران الكثير في هذه «الحرب القذرة»، حيث يتعثّر حلفاء الولايات المتحدة وفرنسا، السعوديون والإماراتيون، في الوقت الذي تبدأ الإمارات فيه بسحب قواتها. كذلك، في العراق، يمكن لإيران أن ترسل رسائل «ضبط النفس» لحلفائها الميليشيات الشيعية التي هاجمت في الأسابيع الأخيرة القواعد العسكرية، حيث كان الجنود الأميركيون يتمركزون.

 

قال ديبلوماسي عربي في طهران: «لم تعد الميليشيات الحليفة لإيران تعلن عن هجماتها».

 

يبقى معرفة ما إذا كانت القيادة الإيرانية متّحدة في ردّها على التوترات المتزايدة. يريد كل من الرئيس روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف – الذي لم يعد مهددًا من الولايات المتحدة بإدراجه على القائمة السوداء – وعلي أكبر صالحي، رئيس المنظمة النووية، إعادة فتح المحادثات مع الولايات المتحدة. لكن ماذا عن المرشد، آية الله علي خامنئي، صانع القرار النهائي للخيارات الكبيرة في إيران؟ يقول علي أكبر صالحي من منبره في لو فيغارو: «بالنسبة للنظام الأول الذي بالكاد وافق على إجراء المفاوضات التي أدّت إلى اتفاق عام 2015، فإن المحادثات الجديدة مع الأميركيين تبدو «سامة». لطمأنة المرشد الأعلى، هل بإمكان الأوروبيين، وبالأخص الفرنسيين، تقديم الضمانات؟ كلا، تمامًا كما ظهر عجزهم في إعادة ترامب عن الإنسحاب من الصفقة.

 

من الجانب الفرنسي، إنّ زيارة إيمانويل بون الثانية خلال شهرين إلى طهران، لا تمت للوساطة بصلة. يشدّد أحد الدبلوماسيين: «نحن لا نخدع أنفسنا، فالأميركيون هم المهتمون في نهاية المطاف بالإيرانيين، والذين يريدون، عاجلاً أم آجلاً، التفاوض معهم، لأنهم فهموا أن من المرجح أن يُعاد انتخاب ترامب العام المقبل. وبالتالي، سيكون من الصعب الصمود لست سنوات أخرى، نظرًا لسوء حالة إقتصادهم».

 

ذكّر نائب وزير الخارجية، عباس أراغشي، يوم الأحد، إن رد إيران على خروج الولايات المتحدة من الصفقة «يمكن التراجع عنه». لكن من دون تنازل واشنطن خصوصًا عن مسألة النفط. ويتلخّص الحساب الإيراني على الشكل التالي، بحسب صحافي محلّي: «إن لم يحصل ماكرون على أي شيء من ترامب، فستستمرّ طهران بزيادة معدّل تخصيب اليورانيوم، خلال شهرين، بهدف تعزيز موقفها عند استئناف المفاوضات، عاجلاً أم آجلاً، مع الولايات المتحدة».