إيران هي الحدث مع بداية العام الجديد، لا تقلّلوا من شأن ما يحدث في مناطق عدّة من إيران، ولا في طهران تحديداً، ولا تهوّنوا من شأن إحراق صور المرشد علي الخامنئي ولا من صوره المرفوعة في التظاهرات الإيرانيّة والتي غيّرت اسمه إلى «الجلاد» أو هتفت ضدّه «الموت للديكتاتور»، مضت عقودٌ أربعة ويزيد وإيران توزّع هتافات «الموت» للدول وللحكّام، وبصرف النظر عن نتائج هذا الحراك الشعبي الإيراني، ذكّرنا إحراق علي الخامنئي في إيران ببدايات الثورة السوريّة وإحراق الصور «الأسديّة» في العام 2011.
بالأمس خرجت نفس التهديدات الإيرانيّة الديكتاتوريّة في وجه التظاهرات «حكم الإعدام»، واعتبار التظاهر «حرب ضدّ الله»، ففي 5 كانون الثاني من العام 2010 وجّه وزير الداخلية الإيراني آنذاك مصطفى محمد نجار، الإنذار الأخير للمعارضين المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية مهددّاً بأن تنفيذ حكم بالإعدام بانتظارهم وأنّهم «محاربون لله والرسول»، بالأمس أيضاً هددوا بتطبيق حدّ «الحرابة» [قطع الأيدي والأرجل من خلاف] وحكم الإعدام، ما الذي تغيّر في التهديدات للشعب الإيراني، الديكتاتوريّات تعيش على القتل!
تعيش إيران في القرون الوسطى، في العام 2011 اعتبر حاجي صادقي نائب ممثل مرشد الجمهورية في الحرس الثوري، أنّ التمرد على أوامر الولي الفقيه يساوي «الشرك بالله، وأنّ «عدم الاكتراث بتعليمات الولي الفقيه يساوي أيضاً التمرد على أوامر إمام الزمان «المهدي المنتظر» لأنّ تعليمات «الوليّ الفقيه» منقذة للمجتمع من «الظلام» وتهدي إلى «النور»، لذا إحراق صور المرشد هو بمثابة حرب ضدّ الله في العقل الديكتاتوري المريض وأتباعه!!
تقدّم إيران نفسها على اعتبار أنها «جمهوريّة إسلاميّة»، بل لقد قيل لنا فيها: «إن الجمهورية الإسلامية في إيران مسؤوليتنا جميعاً وليست مسؤولية الشعب الإيراني المسلم وحده، وعلى المسلمين أن يخدموها ويساعدوها لأنها قلب الإسلام النابض وقرآن الله الناطق» [العهد/ 23 حزيران 1989]، هل هي صحوة إيرانيّة بعد نهب طويل يكاد يبلغ نصف قرن لمقدّرات الشعب الإيراني؟ ألم يعتبر المرشد ـ الديكتاتور في العام 2010 في خطبة صلاة الجمعة في جامعة طهران أن الثورة في تونس والاحتجاجات الشعبية في مصر هي «بوادر يقظة إسلامية ومستوحاة من الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979 (…) أحداث اليوم في شمال إفريقيا، في مصر وتونس وبعض الدول الأخرى لها مغزى خاص بالنسبة لنا، هذا ما كان يقال دوماً عن اليقظة الإسلامية لدى قيام الثورة الإسلامية الكبرى للأمة الإيرانية، وهذا ما يظهر اليوم»، ألا يحقّ للشعب الإيراني بصحوة هو الآخر في مواجهة الديكتاتور الجلّاد؟!
الليلة سيطلّ أمين عام حزب الله بالتأكيد سيتهم الأعداء ويضم صوته إلى صوت النظام القاتل والقامع لشعبه في إيران وسيخفّف على بيئته الحاضنة وطأة صور الخامنئي المحروقة، مشهد إطلاق الشتائم بحقّ حسن نصرالله في الضاحية لا يُنسى، والثورات تُعدي، والحريق يمتدّ، لن نسمع منه بخصوص أحداث إيران أكثر مما قاله قبل ثلاثين عاماً «نحن ملزمون باتّباع الولي الفقيه، ولا يجوز مخالفته. فولاية الفقيه كولاية النبيّ والإمام المعصوم واجبة. والذي يردّ على الوليّ الفقيه حكمه فإنه يردّ على الله وعلى أهل البيت» [مجلة العهد العدد 148 الصادرة في 24 نيسان 1987]!