عن إيران تحدّث الموظف الأميركي المهم السابق نفسه الذي تعاطى مع قضايا سورية ولبنانية واسرائيلية – فلسطينية، قال: “عندما كنا نفاوض إيران في صورة غير رسمية كان من نجتمع معهم منهم يقولون لنا: نحن لا نحبّ الأسد ونعرف كل سيئاته. لكننا لن نتخلّى عنه لأنّنا نريد حماية “حزب الله” في لبنان”. سألتُ: كيف تحمي إيران “حزب الله” في لبنان إذا كانت الحدود الجغرافية بين العراق الموالي لها وسوريا الأسد انقطعت أي لم يعد هناك تواصل جغرافي بينهما؟ وهذا أمر ممكن. أجاب: “من خلال الجو (الطائرات) والبحر اللاذقية وطرطوس. بذلك يستمر إرسال الأسلحة إلى “الحزب”. ومن هناك يُرسل برّاً عبر حمص فالقصير إلى البقاع الذي يسيطر عليه”. وأنهى الموظّف المهم السابق نفسه اللقاء قائلاً: “سألني سفير متقاعد منذ سنوات وعمل في منطقتكم: ماذا يحصل إذا نفذ “داعش” في أميركا عملاً مشابهاً للأعمال التي نفّذها في فرنسا قبل أشهر وحديثاً في بلجيكا؟ أجبته: لا بد من الهجوم على هذا التنظيم عسكرياً وبكل الوسائل. ردَّ: لا يجب الهجوم عليه فوراً قبل أن ينفِّذ أعمالاً كالمذكورة داخل بلادنا”.
ماذا في جعبة ديبلوماسي أميركي مهم سابق ومتقاعد منذ سنوات تعاطى مع التطوّرات المهمة في العالم العربي منذ عقود ولا يزال؟
تحدّث في بداية اللقاء عن دولة الامارات العربية المتحدة، قال: “الشيخ محمد بن زايد ولي العهد شخص جيد وحيوي. عرفته من زمان. التقيته آخر مرّة قبل نحو سنتين. هو يحترم الكبار في السن. سألته مرة في أي ساعة يستيقظ صباحاً. أجاب: “قبل الصلاة أنهض من فراشي. وأُحضر الحليب وآخذه إلى والدي (الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان) ثم نصلّي معاً”. انه يحترم الكبار سنّاً فعلاً. يذهب إلى عمله باكراً ومعه العاملون معه، علماً أن الموظفين المهمّين لا يبدأون عملهم قبل العاشرة صباحاً. يحترم الكبار أيضاً من خلال احترامه رئيس الدولة الشيخ خليفة على رغم مرضه الذي أقعده عن العمل تماماً. لم يفعل شيئاً ليحل مكانه رسمياً احتراماً له. وكل الأوامر والتوجيهات تستمر في الصدور باسمه”. علّقت: “هو ذكي ويعرف ماذا يريد. وهو حريص طبعاً على علاقاته مع المملكة العربية السعودية. لكنه في الوقت نفسه لا يندفع وراء حماسة الشباب وعواطف الكهول. يوم قالت الأخيرة إنها سترسل قوات برية إلى سوريا، أعلن محمد بن زايد استعداده للمشاركة في ذلك، لكنه أضاف شرطاً هو أن تكون القوة بل العملية كلها بقيادة أميركا (أو التحالف الذي تقود). وتبنَّت السعودية هذا الموقف بعد أيام.
ماذا عن السعودية؟ سألتُ. أجاب: “محمد بن سلمان هو الابن الأصغر للملك سلمان بن عبد العزيز. لا أعرف لماذا اختاره وليّاً لولي العهد على رغم أن عنده ابناً متعلماً ومثقفاً جداً وهو إبن التكنولوجيا الحديثة. على كلٍ أميركا تحترم الكثيرين في المملكة ولا سيما في العائلة المالكة. إلا أن الأكثر احتراماً من أميركا هو ولي العهد، محمد بن نايف ولأسباب متنوعة. “الزعلانون” داخل العائلة ينضمّون إليه. وإذا حاول الملك إقصاءه عن ولاية العهد كما فعل مع شقيقه وليّ وليّ عهد الملك عبدالله مقرن، لمصلحة ابنه محمد فان العائلة أو أكثريتها لن تقبل ذلك، وقد يتكرّر حدث أو حدثان حصلا قبل عقود”. علّقتُ: “تشعر السعودية بتهديد كبير جرّاء الأوضاع السلبية في اليمن وخصوصاً بعد سيطرة الحوثيين وعلي عبدالله صالح، حلفاء إيران الذين تلقّوا منها السلاح والتدريب والمال، على كل اليمن قبل أكثر من عشرة أشهر، فشنّت على هؤلاء حملة عسكرية شرسة جوية لا تزال مستمرة. وذلك يحوّلها من مملكة دفاعية وربما انكفائية إلى مملكة أو دولة هجوميّة ولاحقاً إلى قوة عسكرية يُحسب لها حساب. ما رأيك في ذلك؟ أجاب: “خبراؤنا العسكريون في السعودية يتحدّثون عن جيش سعودي كفيّ ومُدرَّب جيداً”. ألا يشكّل ذلك خطراً على النظام جرّاء مراودة العسكر فكرة الحكم المباشر؟ سألتُ، أجاب: “بسبب الخوف من انقلاب عسكري اتخذ المسؤولون في العائلة كل الاحتياطات، وعينوا أمراء في مراكز القيادة كلّها في الجيش والحرس الوطني وقوات الداخلية”.
ماذا عن ليبيا وأنت خبير فيها؟ سألتُ. أجاب: “أساساً ليست فيها مشكلات طائفية وعرقية ومذهبية” ماذا فيها إذاً؟ سألتُ. بماذا أجاب.