»إنّ إيران باتت الآن على ضفاف المتوسط وباب المندب»، إعلانٌ إيرانيّ أخرجه بالأمس علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، «الاستقواء» الإيراني متلاحق وحملة التناغم هذه بين المعمّمين والمسؤولين الإيرانيين، للأسف تغاضى العرب ـ وما يزالون ـ عن كثير من الأمور الخطيرة حتى بات الواقع الإيراني «شبكة عنكبوت» علقت فيها المنطقة العربية كلّها من لبنان، إلى العراق، إلى اليمن، إلى كلّ دول الخليج العربي!!
أخطر ما قد يُفجّر المنطقة في الأيام المقبلة هو حالات «انتشاء» شيعيّة انتقاميّة يُحذّر من وقوعها في العراق على يد ما يُسمّى بـ»الحشد الشعبي»، وهذه النماذج «العصاباتيّة» الإيرانيّة، تتفاوت في تنظيمه من ميليشيا حزب الله في لبنان وصولاً إلى «منظمة بدر» في العراق، التي كشف قائدها هادي العامري بالأمس أنّ نحو 100 مستشار إيراني يشاركون في المعارك ضد تنظيم داعش بمحافظة ديإلى وصلاح الدين، وهم يقدّمون خدماتهم من دون مقابل، على حدّ زعمه.
وفي النموذج الإيراني اللبناني منذ ما بعد الطائف تعامل حزب الله بمبدأ «التقيّة» مع اللبنانيين، وتفرّغ لبناء صورته المقاومة لإبعاد كلّ «ملمح» إيراني عن مظهره، إلى أن أماط اللثام ونهائياً عن مشروعه الإيراني الهوية والعقيدة الذي يختلط فيه الديني بالسياسي حيث يمسك الأول بتلابيب الثاني ويخلع القداسة على المشروع الإلهي، في ظل حديث شعبي مضطرد عن «المهدوية»، وإذا كان من عبرة تستخلص من هذه الخدعة الإيرانية التي انطلت على المؤمنين الشيعة، عندما قال حسن نصرالله أمس للبنانيين أن الزمن «زمننا»، لم يكن يقولها بمعنى سياسي ساذج بل بتقية»، وعلى هذه الفكرة أسس الخميني جمهوريته وحكم ولاية الفقيه مستنداً إلى زمن ظهور المهدي الذي تترقبه إيران بناء على نص الخميني!!
ولبنان الذي تحوّل بالتدريج إلى «إيران لاند» بعدما ذاق الأمرين من «فتح لاند» السيئة الذكر والتي وإن انتهت إلى اعتذار من الشعب اللبناني إلا أنها كلّفته دماراً هائلاً، الفارق الوحيد هنا أن الفرس لا يعتذرون ولا يعتبرون من التاريخ ولا يريدون أن يصدّقوا منذ أزال الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب دولتهم، أنّ ملك فارس لن تقوم له قائمة، سواء أكان الدولة الصفوية، أو حكم آل بهلوي أو حكومة الخميني وحكم الخامنئي!!
ذات مرّة قال فرزاد الفارسي: «إنكم (العرب) لم تكتفوا بفتح بلادنا والإطاحة بحكمنا بل غرستم فينا دينكم الإسلامي ومازلنا نعاني منه حتى يومنا هذا»! أو كما بيّـن المنظر الفارسي د. زيباكلام «عدم نسيان الفرس الهزائم أمام العرب في القادسيّة وعمق أحقادهم الدفينة تجاه العرب ووصفه لها بالنار تحت الرماد التي ستتحوّل إلى لهيب كلما سنحت الفرصة»، ونظنّ أن الفرصة سانحة منذ العام 1979، منذ أعادت باريس الخميني إلى طهران !!
ثمة مرارة تعتصر قلوب كثيرين من العرب، وغضب من صمت القيادات العربية تغطية لعجزها عن مواجهة هذا التمدّد الإيراني المتوحش في بلدانهم، من يريد أن يفهم كلّ الكلام الصادر عن إيران ومسؤوليها في اليومين الماضيين، ما عليه إلا أن يقرأ هذه للشاعر مهيار الديلمي يقول فيها: لا تخالي نسباً يخفضـني/ أنا من يـرضيك عندَ النسبِ/ قومي استولوا على الدهر فتى/ ومشوا فـوق رؤوس الحِقبِ/ عمموا بالشمس هــاماتِهــم/ وبنـوا أبياتهـم بالشهبِ/ فأبي» كسرى» على إيوانهِ/ أين في الناس أبُ مثل أبي»!!