بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، تتجه الأنظار الى إقراره في الكونغرس الأميركي، ويشكل ذلك استحقاقاً مهماً كون الموعد الزمني للإقرار في 17 أيلول المقبل، يمثل أيضاً بداية مرحلة جديدة على صعيد العلاقات السياسية مع إيران، وعلى انعكاس ذلك على ملفات المنطقة، ومن بينها الملف اللبناني.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، أن خطوة إقراره في الكونغرس ستحصل، وستشكل حدثاً مهماً، على الرغم من كل التحديات الأميركية الداخلية حول ذلك. إيران تنتظر هذه الخطوة أيضاً، لتتأكد من مروره في الكونغرس، بحيث بعدها ستتكشف بداية الحوار حول مشاكل المنطقة وكيفية أداء إيران حيالها.
هناك تحضيرات على الأرض للتسويات المرتقبة في المنطقة. ففي الموضوع اليمني يظهر أن هناك إرضاء للخليج وحفظاً لمصالحه. قد لا تعد المصادر، أن الأمر تراجعاً إيرانياً، إنما تشير الى أن ذلك يمثل نوعاً من أنواع التسويات، بحيث تحقق إيران مصالحها في ملفات ما، وتضطر في الوقت نفسه الى التخلي عن مصالحها في مواقع أخرى. قد لا يكون ذلك بإرادتها، إنما ستقبل الموضوع بكل طيبة خاطر، ما يؤشر وفقاً للمصادر، الى أن شروط التسوية التي كانت نتيجة للاتفاق النووي بدأت تظهر في أكثر من ملف، وأن البحث بين الغرب وإيران لامس جملة أمور وتسويات، ستترجم في المرحلة المقبلة على الواقع.
في الملف السوري أيضاً، هناك حراك دولي إقليمي جدي سعياً لإرساء حل عبر إعادة تفعيل مؤتمر «جنيف3» المتوقع أن ينعقد قبل نهاية هذه السنة. إنه مسعى لحل سوري من ضمنه تحديد مصير رئيس النظام بشار الأسد بتوافق دولي إقليمي.
إنه مسعى جدي لإيجاد حلحلة للأزمة السورية، أو على الأقل وضع الحل على السكة، إذ إن الدول المهتمة تعترف أن الحل النهائي طويل المدى.
وفي اعتقاد هذه المصادر، أن الأجواء الدولية الإقليمية ستساهم من الآن وحتى ما قبل نهاية هذه السنة، في أن يكون للبنان رئيس للجمهورية، حيث ستتضافر الجهود خلال الأشهر القليلة المقبلة سعياً لذلك. على أنه مطلوب أيضاً من المسؤولين لعب دور في العمل لقوة ضغط دولية تساهم في هذا الاتجاه. أي أنه من غير المستبعد أن يترجم مناخ التسويات في ملفات المنطقة تسوية للبنان.
والسؤال يبقى أن إيران التي لم تواجه في اليمن، ما أدى الى أن يكسب الخليج هناك، أين ستأخذ في المقابل. المصادر تجيب على ذلك بالقول إنها ستأخذ في العراق تحديداً، في حين أنها لن تأخذ في لبنان ولا في سوريا، وهذا ما يريده الخليج حيال هذين الملفين. في الملفين ستحفظ مصالح إيران، لكن لن يترك لها المجال لتحقيق مشاريعها لا في لبنان ولا في سوريا. إنما ستعطى أكثرية المصالح لإيران في العراق. في اليمن كانت هناك، بوادر التراجع في الموقف الإيراني.
في لبنان، وإن عاد الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله لترتيب ما كان قاله حول أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي النائب ميشال عون، هو ممر إلزامي للانتخابات الرئاسية، فإنه لم يعد المنطق إما عون أو الفراغ. كل الأطراف اللبنانية متفقة حول أن عون له دور في الرئاسة، ولكن بين أن يكون ممراً وأن يكون مرشحاً أو الفراغ فارق كبير.
استحقاق موافقة الكونغرس على النووي يمثل انطلاقة مهمة في تأثير النووي سياسياً.
وتعول المصادر، على تغييرات قد تحصل على مستوى العلاقات الخليجية الإيرانية والتي لها التأثير الأساسي لبنانياً. حتى الآن لا يوجد أي تغيير لا في الموقف الإيراني ولا في الموقف السعودي. يجب أن تتشكل قناعة دولية بناء على ضغط لبناني، في عزل موضوع لبنان عن ملفات المنطقة. في المواقف الإيرانية حول لبنان، لا يزال هناك ربط بين ملفه وملفات المنطقة. لذلك ضرورة الفصل، لتوفير اختراق على الملف اللبناني، ما دام اللبنانيون حتى الآن غير قادرين على حلحلة العقدة الرئاسية. إذا استمر الربط، يعني أن لبنان سينتظر أي تقدم في الملف السوري خصوصاً لتحقيق تقدم في الملف الرئاسي. وفي هذه الحالة يُفترض أن لا يربط اللبنانيون وضعهم ويرهنوه للخارج.