لم يبالغ علماء من الأزهر٬ حين وصفوا لصحيفتنا هذه بالأمس القرار الإيراني بتعطيل فريضة الحج عن الإيرانيين لهذا العام بـ«المراهقة السياسية»٬ والحقيقة أنها أكثر من مراهقة فهذه متاجرة واضحة بالدين٬ ودليل على عدم مصداقية النظام الإيراني عند حديثه عن الإسلام الذي يتخذه كشعارات فقط.
رفض طهران التوقيع على اتفاقية الحج هذا العام مع السعودية٬ وإعلان طهران أن حجاجها لن يكون بمقدورهم أداء فريضة الحج هو عبث لا يماثله عبث٬ فاتفاقيات الحج لا تنطبق على إيران وحدها٬ وإنما على قرابة 78 دولة٬ ووحدها إيران التي اختارت التعنت حيال الاتفاقية٬ وتحويلها إلى أزمة سياسية الهدف منها النيل من المملكة العربية السعودية. والحقيقة أن سجل إيران التخريبي في مواسم الحج٬ ومنذ الثورة الخمينية٬ أمر موثق ومعلوم٬ وبمقدور أي مهتم البحث في يوتيوب» وسيرى العجائب مما فعله الإيرانيون في مواسم الحج السابقة. ولذا فإنه لا مبرر للنظام الإيراني للتصعيد٬ أو محاولة تحويل موسم الحج إلى أزمة سياسية٬ كما أن هذا التصرف الإيراني لا يمكن أن ينال من سمعة المملكة العربية السعودية٬ وبأي حال من الأحوال بقدر ما أنه يؤكد أن النظام الإيراني لا يكترث بمواطنيه٬ وقبل هذا وذاك أن النظام الإيراني يتاجر بالدين الإسلامي وبكل وضوح.
من يتابع التصريحات الإيرانية٬ التي تستهدف الداخل الإيراني٬ سيلحظ مباشرة أن حجج طهران واهية٬ وسطحية٬ وتؤكد أن احترام شعيرة الحج هو آخر هم النظام الإيراني الذي يدعي الحمية٬ والغيرة٬ على الدين الإسلامي. أبسط مثال على تلك التبريرات الواهية ما قاله المرجع الديني الإيراني حسين نوري همداني٬ في لقاء بمدينة قم حيث يقول إن «هدفنا هو المحافظة على عزة وكرامة الإسلام٬ وفي ظروف استطاعة المسلم لأداء مناسك الحج٬ فإنه إذا شعر الشخص المستطيع بالخطر على عزته وأمنه٬ فإن الحج يصبح غير واجب عليه». إلى أن يقول إن: «الثورة الإسلامية تؤكد على حماية أمن وعزة المسلمين٬ وإيران اليوم هي القوة في المنطقة٬ وتتحدث عن ذروة عزة المسلمين٬ ولا يمكننا التعامل بسهولة مع نظام لديه ارتباط مع أميركا». فهل هذه حجة٬ أو تصريح مسؤول٬ أو عاقل؟ وهل عزة الإيرانيين» تختلف عن عزة وأمن قرابة مليوني حاج مسلم؟ وهل المساواة مع حجاج 78 دولة انتقاص للإيرانيين؟
الحقيقة أن هذه التصريحات ما هي إلا دليل على عبث ومراهقة النظام الإيراني٬ فذروة عزة المسلمين٬ وأمنهم٬ تكفل بتطهير البيت للطائفين والعاكفين الركع السجود٬ وهو ما تقوم به المملكة العربية السعودية على أكمل وجه٬ عاما تلو الآخر٬ ودون شعارات مزيفة٬ مثل الحديث عن العلاقة مع أميركا٬ وفي الوقت الذي وقعت فيه إيران اتفاقا مع أميركا٬ وبمباركة من المرشد الإيراني! ولذا فنحن أمام عبث إيراني٬ ومراهقة سياسية٬ وقبل كل شيء متاجرة واضحة بالدين الإسلامي٬ الذي تتخذه إيران كشعارات.