البارحة تحدثنا عن روبرت مالي الذي لعب دوراً كبيراً ومميّزاً الى جانب نظام الملالي بالنسبة لموضوع المفاعل النووي الايراني.
واليوم جاءتنا بعض المعلومات عن إيرانيين آخرين يحملون الجنسية الاميركية. هؤلاء لعبوا دوراً مميّزاً أيضاً ضد أميركا الى جانب نظام الملالي.
وأبرز هؤلاء الايرانية الاميركية اريان طباطبائي التي كانت تشغل بالاضافة إلى كونها اختصاصية في العلوم السياسية وباحثة في الشؤون الدولية مركزاً مهماً في أميركا، تسللت علاقتها بالسفير البريطاني السابق في أميركا كريستوفر ماير.
وقد تسلمت مركز مديرة مكتب نائب وزير الدفاع للشؤون الخاصة فترة من الزمن… كما برزت أمس معلومات جديدة حول قضية إقصاء المبعوث الأميركي للشأن الايراني روبرت مالي، بسبب إجرائه «محادثات سرّية» ولقاءات مع شخصيات إيرانية في الولايات المتحدة.
وقد أشارت صحيفة «طهران تايمز» الايرانية أمس، وهي صحيفة تابعة لمنظمة الدعاية الاسلامية الحكومية… وبناء على اطلاع محرريها على «الإيميلات» المتبادلة بين المبعوث الاميركي وبعض الشخصيات الأخرى، الى ان المشكلة الأساسية لـ»مالي» أنه كان على اتصال شبه دائم مع مختلف الأوساط والأشخاص لتمرير سياساته في ما يتعلق بإيران.
وأشارت الصحيفة الى إجراء «مالي» اتصالات مع الايراني علي واعظ Ali Vaez من مجموعة الأزمات الدولية وولي نصر الاستاذ في جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية للدراسات الدولية المتقدمة، وتريتا بارسي Parci وزميل ابن مالي في معهد كوينسي Quincy Institute.
ولفتت المعلومات الى أنّ هؤلاء الاميركيين – الايرانيين كان لهم حضور واضح في ديبلوماسيّة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما تجاه إيران… مضيفة أنه بفضل علاقتهم مع المفاوضين الايرانيين السابقين، وبعضهم لا يزال حاضراً في فريق التفاوض الحالي، يلعبون دور الوسيط بين إيران والادارة الاميركية الديموقراطية (إدارة جو بايدن).
وأورد موقع «Free beacon» الاميركي، أنّ السيرة الذاتية لـ»مالي»، لم تعد موجودة في البوابة الالكترونية الرسمية لوزارة الخارجية الاميركية، ما يشيرالى ان مالي ربما لم يَعُد في منصبه، رغم تأكيد الوزارة أنه في إجازة لأسباب غير معلنة ولا حتى مقنعة. واستبدلت وزارة الخارجية الاميركية صوَر وبيانات «مالي» بأخرى لـ»ابرام بالي». فإذا أضفنا أيضاً ما فعلته وزارة الخارجية الاميركية حين حذفت يوم السبت الفائت سيرة مالي من موقعها الالكتروني تماماً، وأزالت صورته عن حساب مبعوث الولايات المتحدة لشؤون إيران، فإنّ كل هذا قد يسلّط الضوء جيداً على الموضوع. وللمناسبة فإنّ الديبلوماسي الاميركي «ابرام بالي» الذي حلّ مكان مالي وُضِعَت صورته مكان مالي.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم الخارجية الاميركية «مات ميلر» بعد ظهر يوم الخميس الفائت في حديث له لشبكة CNN ان مالي في إجازة.. ولكن «ابرام بالي» يعمل في هذه الأيام كمبعوث خاص بالإنابة لإيران ويقود عمل الوزارة في هذا المجال.
وأكدت الـCNN أنّ صفقة تبادل الأسرى بين إيران والولايات المتحدة كادت تفشل… لكن من قام بإصلاح الأمر هو المبعوث الاميركي بالإنابة ابرام بالي، والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستينز.
خلاصة القول هنا، إنّ هناك أنباء وتقارير متضاربة في هذه الأيام، قد تكون عملية كشف قضية مالي هي واحدة من أسباب هذا التأزم، تفيد ان قرب الموافقة على إعادة إحياء الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن قد صار بعيداً نوعاً ما… بانتظار ما سيحدث في هذه الأيام القريبة.. فهل تنجح ديبلوماسية الأبواب الخلفيّة بين أميركا وإيران في التوصّل لاتفاق نووي جديد أو معدّل؟!!
إضافة الى ما تقدّم تشير المعلومات المسرّبة من «الإيميلات» الـمُرسلة أيضاً أنّ الايرانية التي تحمل الجنسية الاميركية اريان طباطبائي، وهي مشاركة اختصاصية في العلوم السياسية في مؤسسة «راند» وهي في الوقت نفسه باحثة في الشؤون الدولية والعامة في كولومبيا، كانت مؤثرة على المراكز الحساسة في أميركا خصوصاً على أشخاص في وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» وذلك بموجب علاقتها بالديبلوماسي البريطاني كريستوفر ماير، وهو سفير بريطاني سابق لدى الولايات المتحدة كما كان مستشاراً رفيع المستوى لمؤسسة «باجفيلد كومينيكيشنز» النافذة هناك، وقيل إنها عملت أيضاً مديرة لمكتب نائب وزير الدفاع وهي ساهمت في تنفيذ صفقة الرهائن بحكم مركزها.
إنّ «الإيميلات» المسرّبة تشير الى ان اريان طباطبائي كانت من ضمن المشاركين في هذه الفضيحة منذ عام 2014 من خلال اتصالها بالخارجية الايرانية.
ثم يأتي دور حنين الزهراني، وهي من أنشط العاملات في السوشيال ميديا في المملكة العربية السعودية، واشتهرت بعملها في مجال الدعاية والاعلام والتسويق الإلكتروني.
زهراني دُعيت الى اجتماعات عدّة نظمتها مؤسسة غاري ساموري. إشارة الى ان طباطبائي والزهراني كانتا نشيطتين ونجحتا في اختراق الادارة الاميركية عدّة مرات.
من هنا نقول إنّ التأثير الايراني على الادارة الأميركية كان كبيراً وفاعلاً.
ففي العام 2014، دُعيت طباطبائي والزهراني الى مؤتمرات عدّة في المملكة العربية السعودية وإسرائيل، لكن الزهراني أجابت: نلبي الدعوة الى المملكة السعودية ولكن نتجنّب الذهاب الى إسرائيل.
لذا، فإنّ هذه التراكمات كلها، أدّت الى اختراق الادارة الأميركية عبر أشخاص كانت الادارة تثق بهم جداً.
كل ما ذكرناه يوحي بأنّ الخارجية الاميركية باتت مقتنعة بأنّ «مالي» مُدان، وأنه أساء التعامل مع وثائق سرّية.
هذا وتؤكد الخارجية الاميركية أنّ الحكومة الإيرانية ومنذ عهد وزير خارجيتها محمد جواد ظريف كانت تلعب هذه اللعبة لتحصل على أسرار من «مالي» لتؤكد خرقها لإدارة جو بايدن في واشنطن.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» ما فعله «مالي» فأكدت أنه كان على علاقات وثيقة بإيرانيين يحملون الجنسية الأميركية، وهو كان يدفع إليهم ببعض المعلومات السرّية.
ونستطيع القول: إنّ هذا الأسبوع كان مليئاً بالمفاجآت، لأنّ أميركا اكتشفت بالفعل أنّ إدارتها مخترقة بواسطة ما سرّبه «مالي» من معلومات تتعلق بالاتفاق الاميركي – الايراني الـمُزْمَع توقيعه…
إنّ «الإيميلات» التي تحمل «الوثائق السرّية» بدأت منذ العام 2014… وجعلت إيران مطّلعة على كل الاجتماعات التي عُقدت بين الاميركيين والإيرانيين، أو حتى الاجتماعات والمقررات التي أشرفت عليها حكومة الولايات المتحدة.
إنّ الأميركيين الذين كانوا في هذا الوقت، رحل بعضهم ولكن البعض الآخر لا يزال في السلطة، أو هو من يشرف اليوم على المفاوضات الجديدة مثل «مالي».
الى ذلك، فقد أعلن علي واعظ هذا الأسبوع أنه تسلم بالفعل معلومات قيّمة من «مالي» وسلمها الى حكومة الجمهورية الاسلامية في طهران، وكان واعظ يُنهي رسائله الموجهة الى طهران بعبارة: «أنتظر رأيكم».
تضيف «نيويورك تايمز» أنّ إيران ليست مسؤولة فقد وجدت طريقة سهلة لخرق حُرْمة أسرار واشنطن. فهل تتردّد في أخذها والعمل بما يتفق مع مصلحتها؟