IMLebanon

من الأسئلة الملحَّة إلى مسار المواجهة .. مسيَّرات الليل رسم مصير المعادلات الحاكمة لتسويات المنطقة

 

 

السؤال الملحّ، ليس ماذا بعد؟

السؤال الملحّ، هو ما الذي حصل على سماء وأجواء ومياه وأودية، وجبال الشرق الأوسط؟

ربما يتبادر إلى الذهن أن هذا النوع من الأسئلة ينطوي على سذاجة، أو نوع من البلادة، لكن   التبصُّر ملياً في الوضع الذي نشأ، بعد الضربات الصاروخية، والطائرات المسيَّرة،  من دون طيار الآتية من الوهاد الإيرانية، أو من بلاد فارس إلى اسرائيل، التي هي فلسطين، والتي كانت في يوم من الأيام التاريخية العابرة للإمبراطورية الفارسية، جزءاً من المناطق التي امتد إليها النفوذ الإيراني، الإمبراطوري باتجاه المناطق السورية، من العراق إلى الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، براً وبحراً.

 

كانت التوقعات في محلّها حول توقيت الردّ الإيراني على الاستهداف الإسرائيلي لمقرّ، القنصلية الإيرانية في دمشق – ليل السبت – الأحد كان موعد الضربات، التي شكلت الردّ في مرحلة متقدّمة من التوتر بين إيران وإسرائيل، مع تحالفات كلٍّ منهما، في خضم التوتر الهائل في المنطقة، وافتتاح جبهات الحرب، إمَّا المباشرة أو بالوكالة  والمساندة، بعد عملية «طوفان الأقصى» التي  نفذتها حركة المقاومة الاسلامية في فلسطين (حماس) ضد المستعمرات الاسرائيلية في غلاف غزة، والتي أدّت الى ما أدّت إليه ودخلت في اليوم التالي عموم الجبهات المعنية في حالة حرب، هي اليوم في شهرها السابع، وسط إصرار اسرائيلي على عدم الرضوخ لشروط الهدنة، التي يمكن أن تسمح بوقف النار الدائم، وإعادة النازحين الفلسطينيين الى ما تبقى من ديارهم، وفك الحصار المضروب على القطاع من اكثر من عقدين من الزمان.

 

بدا المشهد غاية في المواجهة المعقدة، والإستنفار الذي ينبئ باشتعال إضافي لمجمل الأوضاع في المنطقة، إذا ما لجأت تل أبيب الى مجازفات جديدة في الضربات غير المحسوبة، ضد «دول المحور» الإيراني:

1 – دخلت إيران رسمياً في الحرب، ليس من باب الإسناد، أو المواجهة المفتوحة، ولكن من زاوية أنها دولة محورية، ومركزية، في دول التأثير في إقليم الشرق الأوسط، الذي لم تتحدد هويته، سواء أكانت عربية، أم إسلامية أم خليطاً من كيانات، تجمع الى العرق العربي، أعراق – اليهود، والأتراك والفرس، واثنيات اخرى  كالأكراد والأرمن والسريان والكلدانيين والآذريين والأشوريين،  والأقباط، وصولاً الى المجوس.

2 – ردَّت إيران من أراضيها البعيدة عن الشرق الأدنى، وفيه تقع فلسطين التاريخية التي احتلتها العصابات الصهيونية، وأقامت على أنقاض شعبها، الذي تحوَّل الى  لاجئين، في دول الشتات، دولة اسرائيل، بقوة النفوذ البريطاني الإستعماري، الذي ورثته الولايات المتحدة بالكامل بعد الحرب العالمية الثانية، وتزعمها للمعسكر الغربي، الامبريالي- الرأسمالي بمواجهة النفوذ السوفياتي- الستاليني.. على رأس المعسكر الشرقي أو الاشتراكي.. وفي الرسالة الإيرانية أن إيران الدولة، وزعيمة المحور ليست بعيدة عن الدخول المباشر بالاشتباك سواءٌ في مضيق هرمز أو الأجواء العابرة للمسافات..

3 – بدت إسرائيل كلها تحت الضربات الصاروخية، وفي سمائها مئات و عشرات المسيَّرات التي أتت للانقضاض على الكيان العبري المحاصر، فلا تل أبيب آمنة، ولا حيفا، ولا القدس، ولا صحراء النقب او اي منطقة في الشمال والوسط والغرب والشرق، وهو مشهد غير مسبوق منذ آخر حرب عربية – إسرائيلية في أوكتوبر 1973.

4 – شعر الكيان المحتل، وهو ينازع أمام عجزه عن تحقيق أيّ من أهدافه المعلنة في الحرب على غزة، أن مسألة «الخراب الجديد المنتظر» مسألة واقعية، وليست قصة خرافية من الخرافات التلمودية، التي عفا عليها الزمن، وأن في المنطقة جبهة متراصة، لها أرضها، وشعوبها، وأسلحتها، وإمكانياتها الاقتصادية والبترولية، فضلاً عن الممرات، والتدريب وحشد الانصار، في أُطر عسكرية مقاتلة..

5 – ومهما يكن من أمر العمليات العسكرية، فحسب المصادر الاسرائيلية والأميركية، فإن إيران أطلقت صواريخ موجهة من العراق، واطلقت اكثر من 100 مسيرة ايرانية من العراق باتجاه اسرائيل عبر الاجواء الاردنية، مما احدث اشكالات مع عمان (متروكة للأيام المقبلة).

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل تستعد لأيام من المواجهة مع إيران، إذا ما أقدمت على تنفيذ ردّ على الهجوم الإيراني ليل السبت – الأحد..

وفي حين، تحدثت شركة أميري للأمن البحري عن اطلاق طائرات مسيَّرة من قبل الحوثيين في اليمن باتجاه اسرائيل، تحدثت معلومات عن هجوم سيبراني عراقي يطال الأنظمة الحكومية للكيان العبري..

ولم تكن الجبهة اللبنانية بعيدة عن المشهد الحربي ليلاً، سواءٌ عبر المسيَّرات أو الصواريخ، حيث شاهد المواطنون إعتراض المسيَّرات والصواريخ في الأجواء اللبنانية من الجنوب الى بيروت والبقاع وسائر المحافظات الأخرى..

6 – أثبتت الوقائع، أن دول الغرب من الولايات المتحدة الأميركية إلى دول أوروبية، كفرنسا، وألمانيا وبريطانيا وايطاليا كانت شريكة في ردّ المسيَّرات، والسعي لإسقاطها قبل الوصول الى الأجواء الإسرائيلية..

وبدا العالم الصناعي أو مجموعة السبع في وارد إبرام تعهد بعدم ترك إسرائيل وحيدة على أرض المواجهة..

7 – والسؤال: ماذا بعد؟

المواجهة فتحت، وقوة الروادع الدولية، ليست متوافرة، فلا مجلس الأمن قادر على اتخاذ قرارات، وإذا  اتخذها عاجز عن التنفيذ.. ولا الدول المركزية الكبرى، بوارد العمل من أجل وضع يمنع الإنفجار..

والمسألة، أن الصراخ في الإعلام، سواءٌ أكان تعبيراً عن وجع أو صراع شيء، أو بث «عنتريات» وأضاليل شيء آخر.. والمسألة ان اسرائيل في المأزق الكبير.. ولكن ليست وحدها، فأطراف المواجهة جميعهم في المأزق..