هل تردُّ إسرائيل على الردِّ الإيراني؟ ومتى تتوقف الردود التي تقلق العالم؟! والأهم هو هل يكون الرد الإسرائيلي ردّاً على الرد، أم لأسباب أخرى تتخذ من الرد الإيراني غطاءً لما هو أبعد من ذلك؟!
في الواقع، من غير المحتمل في قراءة نتائج الخسائر الإسرائيلية الطفيفة بشرياً أن ترد إسرائيل على الضربة الإيرانية، على الرغم من الضوء الأخضر من مجلس الحرب للجيش الإسرائيلي. فالضوء الأخضر يعطي الجيش الإسرائيلي «الخيار» بالرد، لا «الأمر»!
ذلك أن فاتورة القصف الإيراني لم تكن ثقيلة على إسرائيل! لا في الخسائر البشرية ولا في إصابة المراكز الحيوية! على الرغم من أنه يمكن اعتبار الرسالة الإيرانية رسالة قوية!
أما إذا ما قررت إسرائيل الرد على الضربة الإيرانية فلن يكون ذلك هذه المرة بهدف إسقاط قتلى وجرحى، أو حتى خسائر! ولكنه سيكون لهدف من إثنين: إما لتثبيت تفوّقها العسكري، في المجال الجوي تحديداً. وإما، وهو الأهم، بهدف توريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية ضد إيران!
إيران من جهتها ستستثمر في نجاح عمليتها، التي أرادت منها إصابة العمق الإسرائيلي، ولو من دون فعالية، ولو من دون خسارة بالأرواح أو خسائر حقيقية! وهي ستستثمر ذلك بشكل كبير؛ معنوياً وإعلامياً.
إسرائيل من جهتها حققت في العملية مكتسبات سياسية ومالية هامة جداً! فهي استعادت بعض ما كانت خسرته من دعم المجتمع الدولي لجهة اعتبار الحروب عليها «وجودية»!
وستستثمر إسرائيل ذلك أيضاً إعلامياً وفي الرأي العام الدولي. كما ستستثمره بالحصول على المساعدات العسكرية واللوجستية، وللحصول على الغطاء الدولي لاقتحام رفح، وعلى احتمال وصول الدفعة المالية الموقوفة في الكونغرس الأميركي والبالغة 14 مليار دولار!
أما الهدف المحقق من الرد الإيراني فهو هدف معنوي. وهو تثبيت أن إيران قادرة على الرد في الداخل الإسرائيلي! وهي قد ردّت بالفعل! ولكن هذا الرد كشف أيضاً أنه لم يشكّل خطراً جديّاً أو وجودياً على إسرائيل. ولم يؤثر حتى في الحياة اليومية فيها!
في المحصلة، وفي المقارنة، فإن قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية أوقع خسائر بشرية كبيرة، مع سقوط 16 ضحية بينهم القائد الإيراني في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي وقادة آخرين في الحرس الثوري. في حين لم يسقط بالأمس، ولو قتيل واحد في إسرائيل! وكل ما رشح من معلومات هو إصابة طفلة واحدة بالجروح! بالإضافة الى إصابة الحجر من دون البشر في أحد المطارات العسكرية الإسرائيلية.
إن أي ردّاً إسرائيلياً على الردّ الإيراني سيكون له من المحتمل أبعاد تتخطى الضربة بالأمس الى تأمين أمن إسرائيل على المدى الطويل. وقد يحتاج هذا الأمن الإسرائيلي لتوريط إسرائيل للولايات المتحدة بحرب ضد إيران، تستفيد منها إسرائيل، بالواسطة، بجهود عسكرية ومالية أميركية!
سيناريوهات مفتوحة، مع تفضيل أميركي للتهدئة في زمن انتخاباتها الرئاسية! أما التقييم الإسرائيلي للعملية فسيكون سريعاً. واتخاذ القرار بالرد أو بعدم الرد لن يتأخّر!