لا يندرج احتجاز ايران لسفينة اميركية قبل يومين لدى مرورها في مضيق هرمز ضمن خرقها للقرار الدولي الرقم 2116 الخاص باليمن الذي صدر تحت الفصل السابع. وينسحب الأمر نفسه بالنسبة الى ارسال ايران سفناً ذكرت معلومات انها تحمل اسلحة الى الحوثيين على رغم ان هذا القرار يمنع مدهم بالاسلحة. ويعود ذلك الى اعتبار ان هذه السفن بقيت ضمن المياه الدولية وتراجعت على اثر ارسال الولايات المتحدة حاملة طائراتها اس اس روزفلت الى جوار هذه السفن، وهي تالياً لم تعبر المياه الدولية الى المياه اليمنية أو لم يتح لها المجال لان تقوم بذلك فتخرق بذلك القرار الدولي. في المقابل فان محاولة طائرة ايرانية تقول طهران انها محملة بالمساعدات الانسانية الهبوط في صنعاء على رغم الحظر الجوي المفروض من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ومنعت من ذلك اظهرت محاولات مستميتة من طهران لخرق الحصار حول اليمن وتقديم المساعدة العسكرية الى الحوثيين باعتبار ان المساعدة الانسانية كان يمكن ايران ايكالها الى الهلال او الصليب الاحمر الدولي. وفيما اعتبرت مصادر ديبلوماسية بعد صدور القرار الدولي حول اليمن ان تظهر ايران التزامها هذا القرار من حيث المبدأ ولو لم تعلن ذلك صراحة، فانها لم تتوقع عملانياً ان تحاول خرقه على هذا الشكل الصريح على الاقل علما ان التصدي الاميركي للسفن الايرانية كان مبادرة من شأنها تجنب حرب محتملة في حال رغبت السعودية او مصر او التحالف التصدي للسفن الايرانية ومنعها من الوصول الى اليمن لان آلية تنفيذ القرار 2116 يمكن ان تأخذ وقتاً طويلاً ومن غير المرجح ان يفضي الى نتيجة سريعة. وهذا ما بدا لافتاً لمصادر عدة أخيراً في تحركات ايران في البحر واستهدافاتها. فهل هي محاولات يائسة تعبر عن مدى استماتة طهران من اجل مد الحوثيين بالسلاح ام ان لها اهدافا اخرى؟ كما ان ثمة تساؤلات عما اذا كانت ايران تحاول فعلا خرق الحصار حول اليمن وهل تصل الى حد التسبب بحرب بينها وبين السعودية أو انها تحاول ان تتثبت من وجود خطوط حمر فعلية امام اي تحرك تقوم به على هذا الصعيد من اجل كسر الحصرية السعودية في شأن اليمن على ما برز من تحرك البحرية الاميركية، او انها تسعى الى محاولة استغلال أو توظيف استكمال المفاوضات حول ملفها النووي مع الدول الخمس الكبرى زائد المانيا في المدة الفاصلة عن الوصول الى اتفاق نهائي في آخر حزيران المقبل من اجل احراج الاميركيين ودفعهم الى التسليم بأمر واقع تحاول فرضه على رغم القرار الدولي انطلاقا من حاجة الولايات المتحدة الى انهاء هذا الاتفاق وتاليا الدخول الى اليمن من باب تحييد اي رد فعل من الاميركيين استنادا الى هذا التوظيف. وثمة تساؤلات تتصل بما اذا كانت ايران تحاول ان تلوي ذراع السعودية في اليمن او الدفع الى توريطها أكثر في حرب استنزاف هناك بناء على عدم تراجعها عن دعم الحوثيين ومحاولة تقديم الاسلحة لهم أو انها تضغط من أجل ايلاء الحوثيين دوراً اكبر على غير الشروط السائدة للحل السياسي في حين يثير البعض تساؤلات عما اذا كانت ايران تستهدف السعودية أو تحاول ان تجر الولايات المتحدة الى تفاوض جديد لحل حول اليمن بغير البنود التي نص عليها القرار الدولي الذي اعطى الاولوية المطلقة لمبادرة دول التعاون الخليجي ولعودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
بعض المصادر لا يتوقع ان تحاول ايران الدخول في حرب مباشرة مع السعودية على رغم ان التحركات الايرانية الاخيرة تزامنت مع موقفين سياسيين بارزين: أحدهما لقائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري حمل فيه على السعودية وقد لفت قوله “ان المسؤولين كانوا يتجنبون الحديث عن السعودية لبعض الاعتبارات الخاصة والآن ينبغي وضع هذه الاعتبارات جانباً” متوقعاً انهيار الحكم السعودي. فيما بدا أن التعيينات الملكية الجديدة في المملكة قد تكون محبطة لـ”توقعات” ايران في شأن انهيار المملكة والتي كررتها مراراً في الآونة الاخيرة خصوصاً أن الفريق الجديد تعزز موقعه كما تعززت سلطته وهو الذي خاض الاتجاه الاخير في المملكة والذي تصدى لايران في اليمن ورغب في رسم حدود لتوسع ايران في المنطقة مما قد لا يترك مجالاً لتفاهمات قريبة وقد يعتبر في مكان ما رداً على موقف ايران ككل. (والبعض رأى أو أمل على هامش اعلان المسؤول العسكري الايراني أن اعتبارات أخرى لم تعد تسمح بتجنب الحديث عن السعودية أن يريح تولي الايرانيين مباشرة ادارة صراعهم مع المملكة بدلاً من توريط لبنان وتدفيعه أثماناً باهظة عبر دفع “حزب الله” الى الواجهة في هذه المسألة امراً ايجابياً لهذه الجهة خصوصا ان تولي الحزب الحملة على السعودية رتب خسائر كبيرة على الحزب وعلى لبنان). أما الموقف الثاني فكان لمساعد العمليات في قيادة أركان القوات المسلحة الايرانية العميد علي شاوماني الذي قال “إن ايران تعلن بصراحة انها تدير وتدعم “ما وصفها بـ”المقاومة” موضحاً “نحن اعلنا وبشكل علني دعمنا للمقاومة اليمنية شأنها شأن المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية والافغانية وسنساعدها”. وهو تصريح لافت من حيث أن الخارجية الايرانية كانت نفت تقديم اي دعم عسكري للحوثيين.
a