بالتزامن مع موجة التفاؤل التي اجتاحت لبنان بكل مكوناته بقرب الوصول إلى تفاهم إيراني – أميركي في شأن الملف النووي الإيراني جاء موقف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي شنّ فيه هجوماً قاسياً على الإدارة الأميركية متهماً إياها بالخداع والطعن في الخلف، موضحاً أنه «كلما اقتربنا من انتهاء المفاوضات النووية تصير لهجة الطرف الآخر، خصوصاً لدى الأميركيين أكثر حدة وتشدداً وتصلباً كما هو الدأب في خداعهم»، واصفاً رسالة المشرّعين الأميركيين الجمهوريين إلى طهران بأنها عنوان الانحلال الأخلاقي في السياسة الأميركية، جاء هذا الموقف يقطع الطريق على إمكانية التوصل إلى تفاهم على الملف النووي والتوقيع على الاتفاق قبل نهاية الشهر الجاري، بل جاء هذا الموقف يؤشر إلى أن الاتفاق ما زال بعيداً وأن إعلان عدم الاتفاق وعودة المفاوضات الى نقطة الصفر هو المرجح لا بل يكاد يكون هو المؤكد، وعلى اللبنانيين الذين يراهنون على التفاهم الأميركي – الإيراني لحل مشاكلهم وخلافاتهم الداخلية، ومنها على سبيل المثال الاستحقاق الرئاسي المرتبط بالملف النووي سحب هذا الرهان، والاتكال على أنفسهم من أجل تسوية خلافاتهم إذا كان حزب الله الذي لا يزال يمسك بكل خيوط الأزمة، قادراً على تجاوز ربيبته إيران والدخول مع خصومه في حوار جدي لإيجاد حلول ناجعة لمشاكل لبنان الداخلية بدءًا من الانتخابات الرئاسية، خصوصاً وأن الحزب بإيعاز من إيران هو الذي يمنع حتى الآن إنتخاب الرئيس ريثما تتضح صورة المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي من جهة وحول دور إيران كدولة إقليمية في المنطقة.
ويُخشى أن ينعكس تراجع حظوظ الاتفاق على الملف النووي بين أميركا وإيران حتى على الحوار الجاري بين الحزب وتيار المستقبل منذ أكثر من شهرين تقريباً وبين التيار العوني وحزب القوات اللبنانية، ويدخل لبنان في حالة ضياع شبه تام ريثما تعاد الحسابات بين إيران وأميركا وترسو مجدداً على نوع من التفاهم لا سيما وأن إيران ما زالت تصر علىالفصل بين دورها في المنطقة وبين الملف النووي، وتستمر في جمع الأوراق باندفاع من اليمن حيث سيطر الحوثيون المدعومون عسكرياً منها على الدولة في صنعاء ويستعدون للزحف على عدن مروراً بالعراق الذي أعلنته إيران عاصمة للإمبراطورية الإيرانية التي تتوسع بخطى ثابتة وصولاً الى سوريا التي أصبحت في قبضة الحرس الثوري وحزب الله وإلى لبنان الذي يعاني عملياً من هيمنة حزب الله على القرار من خلال سلاحه وفائض القوة الذي يملكه.
وأمام هذا الواقع المأزوم بات يتوجب على اللبنانيين الانتظار بأن يأتي الفرج من إيران وأميركا عندما يتوصلا إلى اتفاق على الملف النووي وعلى الدور الإيراني في المنطقة ومدى امتداد نفوذها في ظل غياب محور عربي – إسلامي لمواجهة هذا التحدي الإيراني الذي يقضم الدول العربية الواحدة تلو الأخرى ويمسك باليد الثانية سياسة الانفتاح الكاذب على الولايات المتحدة الأميركية وعلى الغرب قاطبة.