IMLebanon

التغييرالإيراني… عاجلاً أم آجلاً  

 

 

يكشف مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في طائرة هليكوبتر أميركية عمرها نصف قرن مدى تخلف النظام الذي يحكم البلد منذ العام 1979؟ يطرح هذا السؤال نفسه في وقت تدعي «الجمهوريّة الإسلاميّة» أن لديها نموذجا يصلح للتصدير. الواقع أنّ إيران لم تصدر منذ قيام هذه الجمهوريّة غير الفوضى… والغرائز المذهبيّة التي تهدّد المجتمعات العربيّة. يجد رئيس «الجمهورية الإسلاميّة» نفسه مضطرا إلى التنقل في هليكوبتر أميركيّة لدى زيارته منطقة الحدود مع أذربيجان حيث أقيم سد شارك في افتتاحه مع الرئيس الأذربيجاني الهام علييف. ليس سرّا العلاقة الخاصة بين أذربيجان وإسرائيل، كما ليس سرا وجود قواعد إسرائيلية في أذربيجان!

 

كشفت السنوات القليلة الماضية أن إيران تعيش أزمة نظام. لم تعد تلك الأزمة مرتبطة بحرّية إرتداء الحجاب وكيفية إرتدائه… أو عدم إرتدائه. تتعلّق الأزمة بما ناضل الإيرانيون من أجله طوال سنوات، من آجل التخلّص من نظام الشاه، فإذا بهم ضحيّة نظام أسوأ من ذلك الذي كانوا يشكون منه قبل العام 1979. ناضل الإيرانيون من أجل الحريّة ففقدوها كليّا بعد العام 1979. هل يحصل التغيير الإيراني مع رحيل رئيسي الذي كان يعتبر أحد المرشحين لخلافة علي خامنئي في موقع «المرشد»؟ لا جواب عن مثل هذا السؤال. لكنّ كلّ ما يمكن قوله أنّ التغيير سيحصل عاجلا أم آجلا في ايران. لا لشيء سوى لأنّ الرغبة في التغيير تشمل معظم الشعوب الإيرانيّة، في مقدّمها الآذريين من المواطنين الإيرانييين الذين لا يتجرأ النظام على المس بهم.

 

ثمة حاجة، بين حين وآخر، إلى الإستعادة بالمنطق ولغة الأرقام للتأكّد من أن النظام القائم، الذي يعمل تحت عنوان «الجمهوريّة الإسلاميّة» لم يقدم شيئا للإيرانيين كما لعب دورا في جعل المنطقة كلّها، خصوصا المنطقة العربيّة، تسير من سيّء إلى أسوأ.

 

بالنسبة إلى ايران نفسها، وعد النظام الذي اسّسه آية الله الخميني مستندا إلى نظرية «الوليّ الفقيه»، التي تناسب شخصه والتي وضعها على مقاسه، بالإستغناء عن عائدات النفط والغاز. في السنة 2022، لا عائدات لإيران سوى من النفط والغاز. إذا كان هناك إهتمام أميركي وأوروبي بايران، فإن منبع هذا الاهتمام  ما تمتلكه من نفط وغاز واحتمال مساهمتها في التخفيف من أزمة الطاقة العالميّة. في أساس هذه الأزمة الحرب الروسيّة على أوكرانيا وما تسببت به من شبه انقطاع للغاز الروسي الذي كان يذهب إلى الدول الأوروبيّة ومن عقوبات أميركيّة وأوروبيّة على الإتحاد الروسي. مثل هذا الإعتماد على ايران في موضوع النفط والغاز لم يعد واردا، بعدما كشفت «الجمهوريّة الإسلاميّة»، في ضوء المغامرة الأوكرانيّة لفلاديمير بوتين، عمق العلاقة بينها وبين الرئيس الروسي. صارت، بعدما زودت الجيش الروسي بأسلحة مختلفة، بينها صواريخ ومسيّرات، شريكا في الحرب الروسيّة على أوكرانيا. تماما مثلما أن فلاديمير بوتين شريك لـ»الجمهوريّة الإسلاميّة» في الحرب على الشعب السوري. ذهب الرئيس الروسي إلى سوريا عسكريا ابتداء من خريف العام 2015. صار شريكا في الدفاع عن نظام بشّار الأسد بهدف منع سقوطه والحؤول دون خروج الأسد الإبن من دمشق.

 

ليس معروفا أين فائدة المواطن الإيراني في أن يكون بلده حليفا لروسيا في عدوانها على بلد أوروبي مثل أوكرانيا ليس مسموحا بسقوطه في يد فلاديمير بوتين لسبب في غاية البساطة. يعود السبب إلى أنّ سقوط أوكرانيا يعني سقوطا لأوروبا كلّها تحت الإبتزاز الروسي. ماذا تفعل ايران في سياق هذه اللعبة الدوليّة التي هي اكبر منها بكثير؟ الأهمّ من ذلك كلّه، ما الذي يمكن آن يجنيه المواطن الإيراني من المشاركة في هذه اللعبة التي لا يمكن أن تؤدي سوى إلى فرض مزيد من العقوبات على ايران؟…

 

على الصعيد الإقليمي، يمكن توجيه سلسلة من الأسئلة إلى النظام الإيراني. تتعلق  هذه الأسئلة بما الذي يفعله في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ ما الذي يفعله من خلال المتاجرة بقضية فلسطين ودعمه «حماس» من أجل إفشال أي تسوية سياسية معقولة في المنطقة؟ هناك جواب واحد عن كلّ هذه الأسئلة. لم تجلب «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى أي بلد من البلدان الإربعة المذكورة وإلى الفلسطينيين، خصوصا في غزّة، سوى الخراب والبؤس والتخلّف عبر ميليشيات  مولتها ورعتها طوال سنوات. لا يختلف دور النظام الإيراني في المنطقة العربيّة في شيء عن دور الإتحاد السوفياتي في دول أوروبا الشرقيّة في مرحلة ما قبل سقوط جدار برلين في تشرين الثاني – نوفمبر 1989.

 

في النهاية، ارتدّت سياسة النظام الإيراني في الداخل والخارج عليه. لم تعد المسألة مسألة شرطة أخلاق، جرى حلّها نظريا، وما شابه ذلك. المسألة مسألة ماذا يفعل النظام الإيراني في ايران وخارج ايران. ما الفائدة من حصوله على سلاح نووي ما دام ما يزيد على نصف شعبه يعيش تحت خطّ الفقر.

 

كشف مقتل رئيسي أمورا كثيرة من بينها أنّ الشعارات شيء، فيما الواقع شيئا آخر وأنّ شنّ حروب إقليمية على هامش حرب غزّة سيرتد على الداخل الإيراني وعلى النظام نفسه في يوم من الأيّام…