IMLebanon

خيار واحد أمام طهران

 

لا يزال وقع الاعتداء الاسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق يتردد في أرجاء الإقليم، ربطاً بخطورة دلالاته وبمفاعيله المحتملة، وسط إصرار إيراني على تدفيع تل أبيب الثمن.

توحي المؤشّرات المتجمعة حتى الآن انّ رد طهران على الاعتداء الاسرائيلي الذي استهدف قنصليتها في دمشق بات مسألة وقت ليس إلّا، وهذا الوقت ربما يقصر او يطول تبعاً لتقديرات القيادة الإيرانية وحساباتها، وربطاً بطبيعة الرد وما يتطلبه من استعدادات وجهوزية.

 

وقد أتت التغريدة اللافتة التي نشرها مرشد الجمهورية الإسلامية السيّد علي خامنئي عبر حسابه على منصة «إكس» باللغة العبرية متوعّداً فيها الصهاينة بأنهم سيندمون، لتعزّز الانطباع بأنّ طهران لن تتساهل إزاء اغتيال قائد فيلق القدس في لبنان وسوريا ورفاقه في الحرس الثوري داخل القنصلية التي تشكل جزءا من السيادة الإيرانية، خصوصا ان الكلفة الاستراتيجية لغضّ الطرف عما جرى ستكون أكبر من اي كلفة قد يرتّبها الرد.

 

وبهذا المعنى، فإنّ الكيان الاسرائيلي وفّر على القيادة الإيرانية، عبر تجاوزه الخط الأحمر، عناء البحث في الكثير من الاحتمالات، ولم يترك أمامها سوى اعتماد خيار واحد هو الرد العسكري الذي يكاد ان يكون إلزامياً. وبالتالي، فإنّ السؤال المطروح حالياً في اوساط مناصري محور المقاومة لم يعد يتصل بمبدأ الضربة وإنما بتفاصيلها الإجرائية لناحية الزمان والمكان والحجم والكيفية.

 

ولعل استعانة السيد الخامنئي باللغة العبرية تحديداً لإيصال رسالته، إنما تحمل دلالات رمزية تعكس من جهة جدية القرار بالانتقام، وتنطوي من جهة أخرى على حرب نفسية تمهيدية ضد تل أبيب التي استنفرت تحسّباً لكل الاحتمالات، كما يتبيّن من تفعيل نظام التشويش على نظام تحديد المواقع GPS في عموم «إسرائيل» في إطار الاستعداد لسيناريو إطلاق صواريخ ومسيّرات، كذلك تم إلغاء كل الإجازات في الوحدات المقاتلة في الجيش.

 

واذا كان البعض يرجّح أن يأتي الجواب الناري الإيراني بالواسطة عبر الحلفاء تفادياً للانزلاق الى مواجهة مباشرة مع الكيان ربما تتدحرج الى حرب شاملة ليس هذا أوانها، فإنّ البعض الآخر يعتبر ان نوعية الاعتداء الاسرائيلي الاخير تستوجب رداً واضحاً من إيران بالذات حتى يحقق الغرض منه ويكتسب الفعالية المطلوبة، وأيّ بدائل أخرى لن تكون متناسبة مع متطلبات مواجهة التحدي المستجد.

 

والى ان يتضح مسار الأمور، يؤكد قطب سياسي واسع الاطلاع ان التصعيد الاسرائيلي يقترب شيئا فشيئا من نطاق الحرب المفتوحة، مُلاحظاً ان ليست هناك أي خطوط حمراء أمام كيان الاحتلال الذي يفعل ما يشاء بلا حسيب ولا رقيب، كما يتضح من الغارة على القنصلية الإيرانية في دمشق، واستهداف عاملي الإغاثة الدوليين في غزة.

 

ولا يُعير القطب أهمية لما يتم تداوله عن خلاف أميركي – إسرائيلي، لافتاً الى انّ هناك تحالفا موضوعيا بين الطرفين، ومؤكدا ان ليس لديه أيّ انطباع بأنّ واشنطن تضغط جديا على بنيامين نتنياهو، «والدليل انّ الامدادات بمختلف انواع الأسلحة الأميركية الى تل أبيب لا تتوقف».

 

ويشير القطب الى ان نتنياهو يتصرف على سجيته «وهو سيهاجم رفح على الرغم من كل الضغوط الدولية لِثَنيه عن ذلك».

 

ويُبدي القطب خشيته من التهجير القسري للفلسطينيين، مشيرا الى ان الاحتلال الإسرائيلي يدفع قي اتجاه ان يصبح قطاع غزة مكانا غبر قابل للسكن والعيش.

 

ويحذّر القطب من ان الحرب، سواء في المنطقة او في لبنان، باتت مفتوحة على كل الاحتمالات.