مكاسب استراتيجية وتكتيكية بعد سقوط الأسد
الخشية من المجهول في سوريا ومِن طبيعة الحكم الجديد الذي سينشأ فيها، قد تكون مبررة إذا كان لبنان لا ينوي بناء دولة فعلية بهيكلٍ صلب قادر على مواجهة الرياح التي يمكن أن تهبّ عليه. لكن ذلك لا يمنع اللبنانيين من التهليل لرحيل نظام آل الأسد وللفرص غير المسبوقة التي يقدّمها لقيام الدولة الحقيقية في لبنان. ومن حقّهم أن يفرحوا بالمكاسب التي حملها وسيحملها إليهم هذا السقوط، ومن المبكر الخوف من السلطات الجديدة في سوريا، خاصة إذا عرف لبنان كيف يوظّف هذه التبدّلات.
تقول مصادر سيادية لـ “نداء الوطن”، إن انهيار النظام الأسدي، قدّم للبنان مكتسبات استراتيجية وتكتيكية. المكسب الأكبر والأبرز يتمثل في كسر الهلال الإيراني وقطع شريان السلاح عن “حزب اللّه”. وقد أقرّ الأمين العام “للحزب” الشيخ نعيم قاسم بهذه الخسارة في إطلالته التلفزيونية السبت الماضي. حاول تلطيف الحقيقة المرّة بالقول إنّ “الحزب” سيجد طرق إمداد جديدة، لكن قاسم نفسه يعرف أنها مهمة شبه مستحيلة بعد اتفاق وقف النار جنوباً وما حمله بين سطوره مِن حزم في منع “الحزب” من إعادة بناء قدراته القتالية. إذ يمكن القول، إن “حزب اللّه” العسكري، انتهى.
هذا استراتيجياً، أما تكتيكياً، فتقول المصادر إن “المكاسب التي ظهرت أو بدأت معالمها بالظهور، لافتة، فكل الأحزاب التي كانت موالية لسوريا – الأسد، سيضعف تأثيرها تدريجياً إلى حدّ الاضمحلال. فعلى سبيل المثال ماذا سيحلّ بـ “الحزب القومي السوري” و “حزب البعث”؟ أين قياداتهما؟ أما “حزب التوحيد العربي”، فبات بين ليلة وضحاها من معارضي الأسد وسردية المقاومة والممانعة. الأمر نفسه تقريباً ينسحب على الأحباش، تتابع المصادر.
الطائفة العلوية بدورها، كانت تتأثر تاريخياً بحكم آل الأسد وتؤيّده. اليوم، ستتحرّر من هالة النظام المخلوع، وسينعكس الأمر إيجاباً على جبل محسن وطرابلس والكورة وعكار.
أما سنياً، فقيام حكم سني في دمشق من شأنه إراحة هذه الطائفة في لبنان، وتسهيل التواصل بين السلطتين التنفيذيتين في البلدين لمعالجة جملة ملفات عالقة أعاقت لعقود قيام الدولة في لبنان.
تغيّرات جوهرية عدة، إذا تراكمت، ستحدث فرقاً في المشهد اللبناني. ويفترض، لا بل يجب، أن تنعكس هذه التبدّلات على اللعبة السياسية المحلية وأبرز الاستحقاقات المحلية المرتقبة “الانتخابات الرئاسية”.
يبدو أن تطوّرات المنطقة، أخرجت تكتلات متردّدة، من رماديتها، لصالح الخط السيادي، وهو ما لمسه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خلال لقائه تكتل “الاعتدال الوطني”، تتابع المصادر، في وقت نواب آخرون في صدد إعادة درس تموضعهم وخياراتهم.
يبقى التأكيد أن سقوط الأسد، يختصر على اللبنانيين الطريق نحو بناء دولتهم، لكنه حتماً لا يوصلهم إلى “المحطة الأخيرة” التي ستبقى بعيدة إذا لم يحسنوا تدبّر أمورهم والتقاط الفرصة التاريخية السانحة، تختم المصادر.